2- الثالوث الأقدس في تعليم الآباء
لم يكتف الآباء في تعليمهم بترداد. أقوال العهد الجديد في الثالوث الأقدس، بل حاولوا توضيح علاقة الأقانيم بعضها ببعض، وذلك في تفسير العقيدة المسيحية للمسيحيين، والدفاع عنها إمّا ضد الوثنيين وإمّا ضد الغنوصيين
يؤكد هؤلاء الآباء الوهية الابن والروح، اذ يميّزون بين "صنع الخلائق"، وولادة الابن، ووحدة الجوهر الإلهي بهن الآب والابن والروح القدس.
يقول اثيناغوراس:
"إنّ ابن الله هو كلمة الآب بالفكر والقدرة. اذ فيه وبه كوّن كل شيء، لأن الآب والابن هما واحد فالابن هو في الآب، والآب هو في الابن في وحدة الروح وقدرته. إنّ ابن الله هو عقل الآب وكلمته. واذا أردتكم، بحكمتكم السامية، أن تعرفرا ما معنى "الابن"، سأقوله لكم ببضع كلمات: إنه وُلد من الآب، لا بمعنى أنه صُنع. فالله، منذ البدء، هو عقل أزلي، وبمَا أنه عاقل منذ الأزل، كان معه كلمته (الذي هو عقل الله)".
القديس إيريناوس، أسقف ليون (140- 202
توسّع ايريناوس في عقيدة الثالوث الأقدس في كتابيه: "ضد الهراطقة"، و"تبيين الكرازة الرسولية". فالكتاب الأوّل موجّه ضد الغنوصيين الذين كانوا يفرّقون بين الإله الأسمى البعيد عن الكون والذي لا علاقة له بأيّ من الكائنات، والإله الأدنى الذي انبثق عن الإله الأسمى، وسقط بالتالي من جوهر الالوهة، وبه خلق الإله الأسمى الكون. فالخالق هو إذًا، في نظرهم، الإله الأدنى. والكتاب الثاني هو عرض بسيط شعبي للعقيدة المسيحية وتبيين أسسها الرسولية.
معرفة الله: يؤكد إيريناوس أنّ الإله الأسمى هو نفسه الإله الخالق، وأنه لا وجود لآلهة أدنين سقطوا من جوهر الالوهة. فالإله واحد، وهذا الإله قد عرّف ذاته لجميع الناس معرفة أولى بواسطة الخلق. ثم أوحى ذاته تدريجيًّا بواسطة الأنبياء، وأخيرًا بواسطة ابنه وكلمته يسوع المسيح.