أعييت وتعبت مقاوماً كلام الحسّاد الأعداء والأخصّاء. فبعضهم يقرع الصدر ويصرف الأسنان، وهو أقلّ خطراً لأن اتقاء العدو الظاهر غير عسير. وأما العدو غير الظاهر فأضرّ وأفتك... الشرق والغرب انقسما جهتين متعارضتين... محبة الخصام تقذف بنا على التوالي من حال إلى حال... اليوم نتحزّب ونتعصّب لهذه الجهة حسب تلقين زعمائنا، وغداً تهبّ ريح معارضة فتبدّل الأهواء والاتجاهات... كم من مسيء إلينا محسوب علينا؟!... أية مصائب لم نكابد... على يد الآريوسيين... ألم نشهد الإهانات والتهديدات والطرد... وإحراق الكهنة على البحر... ألم نرّ الهياكل ملطّخة بدم القدّيسين، وبعضها تحوّل إلى مقابر... ألم نرى الجمهور يذبح الكهنة والأساقفة... ألم يكن التجوّل ممنوعاً على الأرثوذكسيين وحدهم... ألم نُطرد من الكنائس... ونلاحق حتى في البراري... وماذا كان بعد ذلك؟ صرنا أقوياء والظالمون انهزموا! لكن الحسد ضدّنا ظهر أفظع من هذا وأنفذ والكنيسة تضطرب من الداخل. فإذا كنت أنا يونان المسبّب هيجان البحر والعاصفة والمهدِّد بخطر الغرق فاطرحوني في قلب اليم ونجّوا السفينة من الغرق وأعيدوا السكينة والراحة إلى الكنيسة...