لم يجد غريغوريوس في القسطنطينية كنيسة واحدة يلتقي فيها المؤمنين أحد أقربائه فتح له داره فحوّل أحدى القاعات فيها كنيسة "دعيت "كنيسة القيامة". في هذا المكان بالذات، فيما يبدو، تفوّه قدّيسنا بخطبه اللاهوتية الخمسة الشهيرة، تلك التي أهّلته للقب اللاهوتي". لم يكن أحد، إلى ذلك الزمان، قد لُقب بـ "اللاهوتي" إلاّ القدّيس يوحنا كاتب الإنجيل الرابع. وغيّرت مواعظه الموازين. انقلب الشعب إليه وانقلب الهراطقة عليه. الآريوسيون والأبوليناريون سعوا جهدهم للتخلّص منه. ألقوا عليه الحجارة. حاولوا تدنيس مقامه. رهبان هراطقة ونساء مولولات كمنوا له وهاجموه بالعصي وجمر النار. لكنه صمد وثبت. حقّق في أقل من سنتين ما لم يحقّقه في مجمل حياته إلى ذلك الحين. ولما أقام مشبوهون رجلاً يعكّر عليه ويغتصب القسطنطينية من يديه، اسمه مكسيموس الكلبي سيم أسقفاً على المدينة زوراً، ودّ غريغوريوس لو يعود إلى خلوته وهدوئه فطالعه الشعب المؤمن قائلاً: إذا غادرتنا غادرت الثالوث القدّوس فبقي ولم يتزحزح! الثالوث كما قال كان غاية القصد والنيّة والزينة.