آلام ونضج
... وضربت الصاعقة. رقد القديس باسيليوس! ما كان القديس غريغوريوس يتظلّل به انتزح، وما كان يتكئ عليه ارتحل. كان أمام قديسنا خياران: إما أن يموت وإما أن يكبر، ولكن بالآلام. فكان أن كبر إلى قامة شهد له بها آباء زمانه والأزمنة اللاحقة إلى اليوم. ولم تمض عليه أشهر قليلة من وفاة شقيقه حتى تلقى صدمة أخرى بوفاة شقيقته مكرينا التي كان يدعوها "معلمته الروحية". فجأة وجد القديس في حضنه إرثاً عظيماً، في مستوى اللاهوت والحياة الرهبانية. أضحى في مقدّمة المدافعين عن الأرثوذكسية. غياب من أحب أخرجه من اتكاليته إلى روح المسؤولية والثقة بالنفس.
سنة 379 م اشترك غريغوريوس في مجمع أنطاكي وكلِّف القيام بجولة استطلاع على كنائس البنطس. سبسطيا الأرمنية رغبت في أن يكون أسقفها وانتهى الأمر باختيار أخيه بطرس أسقفاً عليها. سنة 381 م اشترك و صديقه غريغوريوس اللاهوتي في المجمع المسكوني الثاني في القسطنطينية. وقد ألقى الخطبة الافتتاحية فيه، ثم بكى بعد أيام وهو يلقي جنائزيته إثر وفاة القديس ملاتيوس الأنطاكي. سمّاه الإمبراطور ضامن الأرثوذكسية في بلاد البنطس. مهمته كانت أن يمتحن إيمان أساقفتها، فيثبِّت النيقاويين ويقيل الآريوسيين. وقد ذُكر أن القسم الأخير من دستور الإيمان، وهو المضاف إلى الوثيقة النيقاوية، من عمله.