ومرت سنة أخرى
فلما انقضت سنة أخرى على ما حدث توجه إلى البرية من جديد. وإذ بلغ الموضع الذي أتى إليه لم ير ما يشير إلى وجود أحد فرفع عينيه إلى السماء وصلى: "اكشف لي، يا رب، كنزك الصافي الذي واريته في البرية. اظهر لي، اللهم، الملاك بالجسم الذي ليس العالم له مستحقاً.
وإذ التفت إلى الضفة الأخرى، نحو الشمس الشارقة، رأى القديسة ممدة ميتة. كانت يداها مصلبتين إلى صدرها على حسب العادة المألوفة في ذلك الزمان، ووجهها نحو الشرق. وإذ هرول باتجاهها بكى عند قدميها وقبّلهما من غير أن يجرأ على مسً أي شيء أخر منها.
بكى طويلاً ثم تلا المزامير المعينة وقال عليها صلوات الجنّاز ثم فكر في نفسه: "أعلي أن ادفن جسد القديسة أم تراني أخالف، بذلك، رغبتها؟" وإذ به يرى كلمات خُطت على الأرض بجانب رأسها:
"أيها الأب زوسيما، وار في التراب جسد مريم الوضيعة. أعد إلى الرماد ما هو رماد وصل إلى الرب من اجل التي ارتحلت في شهر فرموتين المصري، الموافق نيسان لدى الرومان، في اليوم الأول، ليلة آلام ربنا عينها، بعدما ساهمت الأسرار الإلهية".
هذا وقد كانت المسافة التي قطعها الشيخ ليصل إليها عشرين يوماً سيراً على القدمين فيما نقلها الروح إلى حيث فاقت في اليوم عينه.