ومرت الأيام
أخيراً لما حل الأحد الأول من الصوم الكبير من السنة التالية، خرج الجميع إلى البرية بالصلوات المعتادة وإنشاد المزامير. فقط زوسيما بقي في الدير بداعي المرض، بعدما اصابته الحمّى. إذ ذاك تذكر ما سبق أن قالته له قديسة الله: "حتى لو رغبت في الخروج فلن تتمكن من ذلك".
وكرّت الأيام وتعافى زوسيما وبقي في الدير. فلما عاد الرهبان وحل يوم العشاء الأخير صنع منا أمر، فجعل بعضاً من الجسد والدم الطاهرين في كأس صغيرة. كما أخذ، في سلّ، بعض التمر والعدس المنقوع وخرج إلى البرية. ولما بلغ ضفة النهر جلس ينتظر. طال انتظاره حتى أخذ الشك يتسلل إلى نفسه، فرفع عينيه إلى السماء وصلى. وخطر بباله خاطر: "ماذا إذا جاءت؟ ليس هناك مركب، فكيف ستعبر الأردن وتأتي إلي؟"