[walaa farouk]

"قُم احمِل سَريرك وامشِ" (يوحنا8:5)

كم هو قاسٍ وصَعبٌ أن يبقى إنسانٌ مريضاً، مطروحاً على سريره،
مُخلّعاً وعاجزاً عن القيام والحركة لمدة ثمانٍ وثلاثين سنة...
أُحاولُ أن أسأل نفسي وأتخيّل شَخصاً كهذا..! أيّة نفسيّةٍ يَحمِل؟
وكم صَبَرَ وعانى؟ وكم من الألم والقَهر والمعاناة لاقى وتَحمّل؟
وكم تذوّق من الغَصّات والحَسرات والمرارة طوال هذه السنين...؟

ثمانٍ وثلاثون سنة! مطروحاً مُمدّداً يحملهُ هذا السّرير،
الذي ربّما قد أصبحَ بالنسبة له جُزءاً من وجوده وحياته،
وصار يَصعبُ عليه تركَهُ أو التخلّي عنه ...
هذا السرير باتَ يُشير إلى حالة الاسترخاء في الخطيئة
التي كثيراً ما تكون "سريراً" نستلقي عليه لسنواتٍ طويلة مُخلّعين ومُقعدين،
ومشلولين بالضعف والأنانية والكبرياء والحقد والطمع
، فيصبح من الصعب تركها والتخلّي عنها والعيش بدونها...
فتُصبحُ الخطيئة فعلاً ك "السّرير" الذي تَنقُلنا عليه ضعفاتنا وسقطاتنا،
ويَحملنا فوقه أينما ذهبنا وكيفما توجّهنا... وربّما كنا نريدُ التخلّص منه والنهوض عنه
ولكننا نشعرُ أننا لا نمتلك الشجاعة والقدرة الكافية على فعل ذلك
، أو أننا لا نجدُ من حولنا من ينظرُ إلينا ويرثي لحالنا ويساعدنا على الشفاء والنهوض...
"ليس لي إنسانٌ.." (يوحنا7:5).

اليوم يقف المسيح الحيّ القائم من بين الأموات، ويدعوني لكي "أقوم" معه،
إنه يدعوني لكي أنهضَ وأتخلّصَ من عِبء هذا "السرير" الملتصق بي،
فلا يَحملني فوقه ولا يُسيطر عليّ من بعد، بل أن أحملهُ أنا،
وأُسيطر عليه وأتحكّم في رميه بعيداً عني،
فلا تَحملني وتُسيطر عليّ الخطيئة بالحُزن والكآبة واليأس وفقدان الأمل والرجاء
، أو بالأنانية والحقد والطمع والكبرياء،
ولا تقودني إلى البقاء في ضعفي وشَلَلي وعجزي ...

"قُم احمل سريركَ وامشِ"...
بهذا القول الإلهيّ دعى المسيح هذا المُخلّع المُنطرح عند بركة بيت حسدا
لكي يقوم وينفُض عنه غُبارَ المرض والعَجز والشَلل الطويل،
ويتحرّر من ضعفه وتحطّمه، وهو اليوم يوجّه إليّ ذات الدعوة،
ويمنحني بقوّة قيامته النعمة على فعل ذلك.