أما الذي يطيع ضعف الجسد فإنه يصبح غريباً عن الخيرات المعدّة للمجاهدين ويتولاّه الندم في القيامة حين يبقى بعيداً لا يملك إلا الحزن والكآبة التي لا تنفع!
... كل من يلازم فضيلة واحدة ويفرِّط بأخرى يشبه إنساناً أخذ إناء وملأه زيتاً وأهمل فيه ثقباً. ثم ركب وسافر فما وصل إلى نهاية سعيه إلاّ والإناء فارغ مما فيه... الوصايا كالسلسلة متى انفكت منها عروة تفلت بأكملها... سيأتي وقت تُسألون فيه عن ثمر كلامي وتُعطُون جواباً عما سمعتموه مني. فلا تجعلوا كلامي لكم سبب دينونة لأني إنما كلّمتكم لخلاصكم وصحّة نفسكم...
أفزع إلى الله لكي لا تُصطادوا بفخ الغفلة ولا تعتد قلوبكم التهاون... ما دمتم في الجسد فأمسكوا التوبة ولا تدعوها تفلت منكم لأن من فارقها فارقته الرحمة وملكوت السموات...
... لنجتهد متشبّهين بالصالحين لئلا نندم عندما نجدهم في النهاية في مجد عظيم... طوبى للذين يعملون بكل قوّتهم.
اجعلوا أنفسكم غرباء عن هذا العالم لتصيروا أهلاً للخيرات الأبدية...
إن صوم الأربعين هو الخميرة للسنة كلها فيجب أن نتمّمه باحتراس لأن الخميرة إذا فسُدت أفسدت العجين كله...
تيقّظوا بالروح وامتلئوا بالإيمان حتى تمضوا إلى الرب بدالة وتنالوا الإكليل الذي لا يبلى...
هذا وتنيّح القديس مكاريوس في سن التسعين، وقيل في السابعة والتسعين. وقد حضرت إذ ذاك الملائكة والقديسون لمرافقته فهتف بصوت خافت على قدر ما بقي فيه من قوة: "يا سيدي يسوع المسيح، حبيب نفسي، اقبل روحي إليك!" وأسلم الروح.