أدوات الشيطان
أثناء سير مكاريوس، مرة، في أقصى البريّة التقى شخصاً هرماً يحمل حملاً ثقيلاً حول جسده. وكان الحمل عبارة عن أوعية في كل منها ريشة وكان لابساً إيّاها عوضاً عن الثياب. فتعجّب مكاريوس من منظره وسأله باسم الرب أن يقول له من هو وما هذه الأدوات التي يحملها. فأجاب الهرم بغير اختياره: أنا من يقولون عنه إنّه شيطان محتال. وهذه الأوعية هي ما أجتذب الناس به إلى الخطيئة مقدِّماً لكل عضو من أعضائهم ما يناسبه من الخديعة. فإذا أردت أن أُضلّ من يقرأ نواميس الله وشرائعه أدّهنه من الوعاء الذي على رأسي. ومن أحب السهر في الصلوات والتسابيح أخذت من الوعاء الذي على حاجبيّ ولطّخت به عينيه لأجعل عليهما نعاساً ونوماً. والأوعية الموجودة على مسامعي معدّة لعصيان الأوامر. والتي عند أنفي اجتذب بها الشبّان إلى اللذّة.
والتي عند فمي اجتذب بها النسّاك إلى الأطعمة أو أشدّهم إلى الوقيعة والكلام القبيح. من كان راغباً وزّعت عليه بذار أعمالي. ومن كان متّكلاً على نفسه جعلته يتعالى بالأسلحة التي في عنقي. أما التي عند صدري فمخازن أفكاري أُسكر بها الفكر وأصرف الصالحات من الأذهان. أما الموجودة عند جوفي فمملوءة من عدم الحس. أما التي تحت بطني فأسوق بها الراغبين إلى سائر ضروب الزنى والفسق واللذّات القبيحة. والتي على يديّ فمعدّة للضرب والقتل. والتي وراء ظهري مخصّصة لنصب الفخاخ للذين يقاومونني. والتي على قدميّ فللعثرات أعرقل بها طرق المستقيمين. وبعدما قال هذا صار دخاناً واختفى.