تواضعه
وحدث أن كان مكاريوس، مرة، عابراً في الطريق وهو يحمل الخوص وفي يده منجل. فالتقاه الشيطان وانتزع المنجل من يده وأراد قطعه به، فلمّا يفزع، بل قال: إن كان السيّد المسيح قد أعطاك سلطاناً عليّ فها أنامستعد لأن تقتلني. فلم يستطع الشيطان أن يفعل ضدّه شيئاً، فقال له: "يا مكاريوس! أنت تطرحني أرضاً بقوة عظيمة ولا أتمكّن منك. كل ما تعمله أعمله أنا أيضاً. أنت تصوم وأنا لا آكل أبداً. أنت تسهر وأنا لا أنام أبداً. شيء واحد تغلبني به: تواضعك! من أجل هذا لا أقدر عليك".
فرفع مكاريوس يديه للصلاة فتوارى الشيطان للحال.
وذكروا أن تلاميذه كانوا يدنون منه بخوف لأن توقيرهم له كان كبيراً. وإذ كان يراهم على هذه الحال كان يمتنع عن محادثتهم. أما إن أتاه إنسان وكلّمه بكلام قاس أو سخر منه أو غضب عليه فإنه كان، إذ ذاك، يجد للكلام جدوى فيجيب عن كل سؤال يُوجَّه إليه.
كذلك كثيراً ما كان مكاريوس يسترشد لدى من هم أصغر منه. قابل صبياً، مرة، يرعى البقر، فسأله: قل لي يا صبي ماذا أعمل، فأنا جائع؟ فقال له: كلْ! فقال: أكلت وما زلت جائعاً! فقال له: كل من جديد! فقال: أكلت وما زلت جائعاً! فأجاب الصبي: لا شك إنك حمار يا راهب لأنك تأكل كما يأكل الحمار. فانصرف مكاريوس منتفعاً.