تجرده وفقره
وإظهاراً لتجرّده وفقره وحكمته وتنزّهه عن علاقات القربى الطبيعية تروى عنه هذه الحادثة:
أقبلت أخته إليه يوماً برفقة ابنها، وكان أحد أعيان قورش، وقد حملت معها كميّة وافرة من المؤن. فقيل له: "جاءت أختك وابنها لرؤيتك"، فأبى أن يستقبلها، إلا ابنها. ولما طلب هذا إليه إن يقبل ما أتياه به قال له: "بكم من الأديار مررتما في الطريق إلى هنا، فهل قدّمتما لساكنيها شيئاً مما حملتما؟". أجاب ابن أخته: "كلا"، فقال: "عودا، إذاً، بكل ما أتيتما به إلي فلا حاجة لنا هنا إليه، واعلما أنه حتى ولو كنا في حاجة إليه فلسنا نقبله لأن ما دفعكما إلى الاهتمام بي هو القرابة الطبيعية، لا الخدمة الإلهية. فلولا اعتباركما القرابة الدموية لما كنتما خصّصتمانا بعطيتكما". قال هذا وصرف الابن وأمه ولم يأخذ منهما شيئاً.