الصمت أجدى
زاره مرّة عدد من رؤساء الكهنة من ذوي الفضل والفضيلة: فلافيانوس الأنطاكي الذي سام القدّيس يوحنا الذهبي الفم كاهناً وأكاكيوس الحلبي وأفسافيوس أسقف قنسرين (خلكيس) وأيسيدوروس القورشي وتيودوتوس المنبجي وبعض الموظفين وطلبوا أن يسمعوا منه كلمة فبقي صامتاً. ولما ألح عليه أحد الحاضرين تنهّد وقال: "إن إله الكل يكلّمنا كل يوم بالخليقة، يكلّمنا بالكتب المقدّسة، يحضّنا على عمل ما يتوجّب علينا، يدلّنا على ما ينفعنا، ينذرنا بوعيده ويحرّضنا بوعوده، ونحن لا نجني من ذلك نفعاً البتة.
فإذا كان الأمر كذلك فكيف يمكن مرقيانوس أن يفيدكم بكلامه وهو كغيره لا يبالي بهذا الخير الجزيل ولا يريد أن ينتفع منه". وبعدما حرّك كلامه القلوب قاموا وصلّوا وأرادوا أن يضعوا عليه الأيدي ليجعلوه كاهناً، لكن كل واحد كان يرجو أن يفعل ذلك سواه ولما امتنع الجميع عن المبادرة انصرفوا إلى أوطانهم.