ثمّ في صباح اليوم التالي، الثلاثاء، العاشر من شهر تموز، حصلت على المريمية هجمة شرسة وأخذ المهاجمون بالسلب والنهب والقتل والحرق، فسقط العديدون شهداء، وتمكّن آخرون من الخروج إلى الأزقّة والطرقات. وكان من بين هؤلاء الخوري يوسف. كان متستّراً بعباءة وسار بضع مئات من الأمتار إلى أن وصل إلى الناحية المعروفة بمأذنة الشحم. هناك عرفه أحد المهاجمين وكان من العلماء، وقد سبق ليوسف أن أفحمه في جدال فأضمر له الشرّ. هذا لمّا وقع نظره عليه صاح بمَن كانوا معه: "هذا إمام النصارى. إذا قتلناه قتلنا معه كل النصارى!". وإذ صاح الرجل بهذا الكلام أدرك الخوري يوسف أنّ ساعته قد دنت، فأخرج لتوّه الذخيرة الإلهية من صدره وابتلعها. وإذا بالمهاجمين ينقضّون عليه بالفؤوس والرصاص وكأنّهم حطّابون حتى شوّهوه تشويهاً فظيعاً. ثمّ ربطوه من رجله وصاروا يطوفون به في الأزقّة والحارات مسحوباً على الأرض إلى أن هشّموه تهشيماً.
هكذا قضى الخوري يوسف مهنا الحدّاد شهيداً للمسيح. شهد له بأتعابه وأسهاره، وشهد له بدمه وأوجاعه. اشترك في آلامه وتشبّه بموته (فيليبي 3: 10) فحقّ له أن يتكلّل بمجده ويحلّ في أخداره. وقد صار لنا مثالاً يحتذى وبركة تقتنى وشفيعاً حاراً لدى ربّنا وإلهنا ومخلّصنا يسوع المسيح، له المجد إلى الأبد آمين.
فبصلوات أبينا الشهيد في الكهنة، يوسف الدمشقي ورفقته، أيّها الربّ يسوع المسيح، إلهنا، ارحمنا وخلّصنا، آمين.