الخوري يوسف والروم الكاثوليكً
مشكلة التعاطي مع الروم الملكيين الكاثوليك – وهم الذين كانوا بالأمس من ضمن الكنيسة الأرثوذكسية – كانت إحدى أصعب وآلم المشكلات التي واجهت أبناء الإيمان القويم في أيّام الخوري يوسف. وقد انصبّ السعي، آنذاك، من قريب أو بعيد، على استعادة المنشقّين. البعض نهج، في سبيل ذلك، نهج الإكراه والضغط السياسي والإداري، والبعض الآخر اعتمد التفاهم والإقناع.
الخوري يوسف مهنا الحدّاد كان من الفريق الثاني.
كان يكره العنف ولا يوافق على الاتصال بالدولة العثمانية لضرب الروم الكاثوليك والتضييق عليهم. هذا لا يليق ولا يجدي. يكرس الفرقة ولا يعيد اللحمة.
لا نعرف مقدار نجاح الخوري يوسف في سعيه، في هذا الاتجاه. لكن ما جرى في السنة 1857 وما تبعه دلّ على أنّ رؤيته للأمور كانت أدقّ من رؤية غيره وأوفق وأجدى. ففي تلك السنة، حاول بطريرك الروم الكاثوليك، اقليموس أو اكليمنضوس، فرض التقويم الغربي على كنيسته فامتنع الكثيرون وشعروا بالغربة وبدأ بعضهم يشقّ طريق العودة إلى الكنيسة الأرثوذكسية الأمّ. وقد اجتمع من هؤلاء فريق بزعامة شبلي أيّوب الدمشقي ورفاقه أمثال جرجس العنحوري ويوحنّا فريج وموسى البحري وسركيس دبّانة وبطرس الجاهل.
هؤلاء اتصلوا بالخوري يوسف فاحتضنهم وشدّدهم واجتهد في تنوير أتباعهم، ثلاث سنوات متتالية. كما قدّم لكتاب وضعه شبلي وضمّنه احتجاجات هذا الفريق. اسم الكتاب كان "تنزيه الشريعة المسيحية عن الآراء الفلكية"، طبع بمطبعة القبر المقدّس سنة 1858. وقد أخذ حجم هذا الفريق في الازدياد حتى قيل إنّه لولا استشهاد الخوري يوسف، في مذبحة 1860، لنجح في استرداد البقية الباقية من الروم الكاثوليك، في دمشق، إلى الإيمان القويم.