ثانياً يلزمنا أن نعرف:
أن النسك ليس هدف في حد ذاته ولا هو طريق الخلاص وشفاء النفس إطلاقاً، ولا هو انسحاب من العالم أو إهمال الجسد وقهره وإزلاله وعدم إعطاءه حقه من جهة تسديد حاجته الطبيعية والاهتمام به من ناحية الصحة والعافية، لأن أي إهمال في هذه الجوانب كفيل أن يُصيب النفس بحالة من الهبوط الروحي الشديد والسقوط من التدبير الحسن والوقوع في فخ الشيطان، فالجسد ينبغي ان يُحترم قانونه الطبيعي وتُسدد حاجته الطبيعية باتزان دون تفريط، فالنسك المسيحي الأصيل يضبط الجسد بميزان حساس، لأن نسك الصوم أي الامتناع عن الأطعمة وتخصيص الوقت للسجود والصلوات وقراءة كلمة الحياة وسماع الوعظ والتعليم الباني للنفس دون إفراز وتمييز وتدبير حسن مناسب مع كل واحد هو سلاح قاتل للنفس وكفيل أن يقضي بالتمام عليها ويقذف بها بعيداً عن الله.