5- وأيضًا إن كان الشيطان عدو جنسنا إذ قد سقط من السماء يجول فى أجوائنا السفلية ويتسلط فيها على الأرواح الأخرى المماثلة له فى المعصية، ويحاول أن يخدع الذين تغويهم هذه الأرواح كما أنه يعوق الذين يرتفعون إلى فوق، وعن هذا يقول الرسول: "حسب رئيس سلطان الهواء، الروح الذى يعمل الآن فى أبناء المعصية"، فإن الرب قد جاء ليطرح الشيطان إلى أسفل، ويطهّر الهواء ويُعِدّ لنا الطريق الصاعد إلى السماء كما يقول الرسول: "بالحجاب أى جسده"، وهذا يلزم أن يتم بالموت. فبأى نوع آخر من الموت كان ممكنًا أن يتم هذا إلاّ بالموت الذى تم فى الهواء، أى (موت) الصليب؟ فإن الذى يموت بالصليب هو وحده الذى يموت (معلقًا) فى الهواء. ولذلك كان لائقًا جدًا بالرب أن يموت بهذه الطريقة.
6- لأنه إذ رُفع هكذا فقد طهّر الهواء من كل خبث الشيطان وكل الأرواح النجسة كما يقول: "رأيت الشيطان ساقطا مثل البرق من السماء", وافتتح طريقًا جديدًا للصعود إلى السماء كما هو مكتوب: "ارفعوا أيها الرؤساء أبوابكم وارتفعي أيتها الأبواب الدهرية". فلم يكن الكلمة نفسه هو المحتاج لانفتاح الأبواب إذ هو رب الكل, فلم تكن مخلوقاته مغلقة في وجهه وهو الذي خلقها, بل نحن الذين كنا فى احتياج إلى ذلك (أى إلى انفتاح الأبواب)، نحن الذين حملنا فى ذات جسده. لأنه كما قدّم جسده للموت عن الجميع، هكذا، بنفس هذا الجسد أيضًا، أعدّ الطريق للصعود إلى السموات.