عرض مشاركة واحدة
قديم 27 - 02 - 2019, 05:00 PM   رقم المشاركة : ( 12 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,352,450

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: سفر مزامير سليمان الابكريفي المنحول

بعد ذلك، تأمّل الكاتب في فكرة تقول إن الله يمتحن البارّ بالضيق ليبرهن عن أمانته (16: 14). هذه الفكرة تظهر مرّة واحدة. من الواضح أن الكاتب ليس أيوب، لأنه يقدّم الألم على أنه لا يعوّض عن الشرّ. قد يكون البارُّ اقترف بعض الخطايا، ربّما بدون إرادة، فينبّه الله ذاك البارَّ إلى خطاياه عبر الضيق بحيث يُصلح المؤمنُ حياتَه وينجو من عقاب أقسى. فالله يعاقب البار بطريقة تختلف عن عقاب الشرّير. هو يؤدّبه كما يؤدّب أبٌ ابناً يحبّه (13: 8- 10؛ رج 18: 4 والكلام عن اسرائيل). وأحدُ البراهين عن برّ انسان من الناس، هو الطريقة التي بها يتجاوب مع تأديب الله. إنه عكس الخاطئ: لا تَثبط همّتُه ولا تأكله المرارةُ بسبب الضيق، بل يعترف بخطيئته ويُعلن أن الله عادل (3: 3- 10؛ 10: 1- 3).
والرجاء الاسكاتولوجيّ بالنسبة إلى الفرد، يلعب ذات الدور بالنسبة إلى الأمّة. فاليوم الأخير قد يأتي سريعاً ليُنهي الألم والاضطهاد. ولكن هذه النظرة المقبلة لا تخفّف حاجة المصلّي لكي يشرح لماذا يتألّم البار الآن. هو لا يستعمل مرّة ثانية موضوع الدهر الآتي فقط كتعزية عن الصعوبات الحاضرة، بل لكي يحذّر الأبرار أيضاً من الخطايا التي قد تقود إلى دمارهم، وتنقّيهم استعداداً للملكوت. لسنا قريبين هنا من «لاهوت الألم» الذي نجده في تفكير اليهود والمسيحيّين أمام مسألة الشرّ. فالكاتب يؤمن أن الألم يحمل التنقية والخلاص (10: 1- 3). وسيقول إن الأبرار اختِيروا من أجل تأديب خاص، ولكنه لا يعطي أبداً للألم مدلولاً إيجابياً، ولا يجعله علامة اختيار. فالألم في نظره يبقى ألماً بسبب الخطيئة.
إذا كان المصلّي غير ثابت في هذه النقطة، فهو في موضع آخر مفكّر عميق وواثق بنفسه. فتعليمُه عن العناية الالهيّة يحمل قوّة وعزماً: إن الله ناشط في كل ظرف من ظروف التاريخ والحياة الشخصيّة. وصفاتُ الله التي يُشدّد عليها أكثر ما يشدِّد، هي التي تتعلّق بمراقبته الحياة البشريّة مراقبة مستمرّة: فهو الملك والديّان في الأرض كلها (2: 32؛ 8: 24؛ 17: 3)، والمهتمّ بكل حياة (5: 1 ي). ومع أنه قاسٍ على الخطأة القساة، إلاّ أنه يرحم في كل حال ويغفر، وهو حنون بشكل خاص في حبّه لاسرائيل (5: 9- 11؛ 18: 1- 4؛ رج 7: 4- 5؛ 9: 6- 7). إنه ملجأ المساكين والضعفاء (5: 2؛ 10: 6؛ 15: 1؛ 18: 3). ومع أن البشر لا يقدرون أن يتساووا مع الله على مستوى الرأفة (5: 13- 14) والقوّة والأمانة (17: 1- 3)، فالله ليس بعيداً عن البشريّة، بل هو قريبٌ جداً منها. لهذا يتوجّه المصلّي إلى الله مباشرة، كما يتوجّه إلى ملك أرضيّ. فحسّه بمُلك الله لا يقف على مستوى التجرّد أو الرمز. فالله هو مَلك يتصرّف كما يتصرّف الملوك (2: 30، 32، 5: 19).
وبما أن الله قريب من الانسان، جاءت مكانةُ الكهنة في مزسل ضئيلة. وكذا نقول عن عالم الأرواح: فملاك الموت يُذكر في 7: 4، ولا يُذكر الملائكة بعد ذلك.
  رد مع اقتباس