20- لكن يبقى اتهامكم لنا بأننا نقول: "ان الذي وُلد من العذراء مريم هو إله". ونحن نسألكم لماذا تستخدمون ذات لغة مرقيان الذي أدعي بأن الله جاء وأفتقدنا بشكل غير محسوس فقط، لأن طبيعة الله لا تقبل الاتحاد بالجسد البشري؟ ولماذا تتكلمون عن الله مثل بولس الساموساطي؟ ألم يكن مثل هذا الأسلوب الغامض هو الأسلوب الذي حاول أن يستر به كفره وقال بأنه يعترف بأن المولود من مريم هو إله بمعنى خاص، أي انه أخذ بدايته من مريم، رغم أنه كائن قبل الدهور. وكان يعترف بأن في المسيح كلمة (لوغوس) وحكمة من السماء تحرك المسيح وتعمل بواسطته. كانت هذه هي نظرته الكفرية، وهل تختلف هذه اللغة عن اللغة والمعاني التي تستخدمونها في الكلام عن المسيح كمن حل فيه عقل سمائي. أما الحقيقة فهي أن الجسد الحي بلا نفس ليس إنساناً كاملاً, ولا من له عقل سمائي يمكن أن يكون إلها.
وعندما نقول الإنسان الحي فأننا نقصد بكل وضوح الإنسان الذي له نفس عاقلة, كما أن جسد الإنسان يُدعى جسداً ولا يُدعى نفساً، وأيضاً نفس الإنسان تدعى نفساً ولا تدعى جسداً بالمرة. أما عن علاقة النفس بالجسد وبسبب اختلاف طبيعتها عن طيبعة الجسد فهي تدعى "الروح". ولولا ذلك لما قيل: "من يعرف فكر الرب" (1كو16:2). وفكر الرب, أي عقله, هو إرادة ومشورة الرب، وليس الرب نفسه. لماذا تغشون كلمة الرب (2كو17:2) باضافة كلماتكم اليها؟ أن الكنيسة لم تقبل ولا تسلمت ولا سلمت لنا هذه التصورات، وإنما حسب ما هو مكتوب أن الله الكلمة الكائن قبل كل الدهور مع الآب (يو1 : 1) قد جاء في الأزمنة الأخيرة (عب26:9) ووُلد من العذراء القديسة مريم والروح القدس, وانه ابن الإنسان الذي كتب عنه أنه البكر "ولم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر" (مت25:1). وأيضا: "لكي يكون بكراً بين أخوة كثيرين" (رو8 : 21). هو نفسه الإله الحق، تألم لأجلنا كإنسان وفدانا من آلام الموت كإله.
باطل تصوركم الذي يوحي بأنه في استطاعتكم أن تنالوا تجديد النفس التي تحرك الجسد وتفكر، بتصوركم أن التجديد يتم بمجرد التشبه ومحاكاة المسيح. هذا باطل لأن المحاكاة تعني أن نتشبه بمن هو مثلنا، ويجب في هذه الحالة أن يكون النموذج كائن فعلا وإلا استحال تقليده. هنا وفي غياب النفس الإنسانية، يصبح تجديد الجسد هو ما تم وتحقق فعلا، وهكذا تضلون وتجدفون لأن البشرية عاجزة عن أن تجدد ذاتها بدون المسيح، وتجديد النفس التي تقود الجسد لا يتم بدون المسيح، لأن المقود يتبع قائده. وما دمنا قد وصلنا إلى هذا الحد صار من حقنا أن نسألكم ما هي منفعة مجيء المسيح وتجسده؟