عرض مشاركة واحدة
قديم 08 - 01 - 2019, 03:22 PM   رقم المشاركة : ( 16 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,351,589

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: شرح وتفسير المزمور الأول الغرس الإلهي

إذاً هنا واضح جداً أن مسرة الخطاة المستهترين في الذين يعملون أعمالهم ويشتركون معهم في الإثم، لأن الإنسان حينما يُصادق آخر فهو يدخل في شركة معهُ، فيتورط طبيعياً في أعماله، لذلك المزمور هنا لا يتكلم عن وجودنا وسط الأشرار والخُطاة والمنعزلين داخلياً عن الله بشكل عام، لأنه بسبب وجودنا في العالم فمن الطبيعي أن نحتك بهم ونوجد في وسطهم سواء في العمل أو الأسرة.. الخ، لكنه هُنا يتكلم عن حالة مُحددة وهي الشركة، لأن الكلام القصد منه قطع أي علاقة تؤدي للشركة لأنها ستقود تلقائياً لأعمال الظُلمة:
v شَاكِرِينَ الآبَ الَّذِي اهَّلَنَا لِشَرِكَةِ مِيرَاثِ الْقِدِّيسِينَ فِي النُّورِ؛ إِنْ قُلْنَا إِنَّ لَنَا شَرِكَةً مَعَهُ وَسَلَكْنَا فِي الظُّلْمَةِ، نَكْذِبُ وَلَسْنَا نَعْمَلُ الْحَقَّ، وَلَكِنْ إِنْ سَلَكْنَا فِي النُّورِ كَمَا هُوَ فِي النُّورِ، فَلَنَا شَرِكَةٌ بَعْضِنَا مَعَ بَعْضٍ، وَدَمُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِهِ يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ. (كولوسي 1: 12؛ 1يوحنا 1: 6، 7)
وبناء على الآيات السابقة نستطيع أن نفهم قول الرسول:
لاَ تَكُونُوا تَحْتَ نِيرٍ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ،
لأَنَّهُ أَيَّةُ خِلْطَةٍ لِلْبِرِّ وَالإِثْمِ؟ وَأَيَّةُ شَرِكَةٍ لِلنُّورِ مَعَ الظُّلْمَةِ؟
(2كورنثوس 6: 14)
v رَفِيقٌ أَنَا لِكُلِّ الَّذِينَ يَتَّقُونَكَ وَلِحَافِظِي وَصَايَاكَ؛ انْصَرِفُوا عَنِّي أَيُّهَا الأَشْرَارُ فَأَحْفَظَ وَصَايَا إِلَهِي. (مزمور 119: 63؛ 114)
v وَهَذِهِ هِيَ الدَّيْنُونَةُ: إِنَّ النُّورَ قَدْ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ وَأَحَبَّ النَّاسُ الظُّلْمَةَ أَكْثَرَ مِنَ النُّورِ لأَنَّ أَعْمَالَهُمْ كَانَتْ شِرِّيرَةً، وَلاَ تَشْتَرِكُوا فِي أَعْمَالِ الظُّلْمَةِ غَيْرِ الْمُثْمِرَةِ بَلْ بِالْحَرِيِّ وَبِّخُوهَا.
(يوحنا 3: 19؛ أفسس 5: 11)
ولنلاحظ في الآية الأخيرة، أنه لا يتكلم عن توبيخ الناس بل أعمال الظلمة، لأن القصد هنا هو كشف وفضح أعمال الظلمة وليس الناس كما يظن البعض، لأن الإنسان المسيحي الأصيل يضع كل شيء في وضعه السليم والصحيح، فأعمال الظلمة شرّ وفساد لا يتوافق مع الحق الإلهي المُعلن في الوصية، لذلك نرفضها ولا نغير مسمياتها لكي نُرضي الناس، بل الشرّ واضح أمام أعيُننا ونحن نضعه تحت مسماه الصحيح.
لأننا في هذه الأيام الصعبة، نجد أن بعضاً من الناس وضعت بعض الخطايا والشرور تحت مسميات أُخرى لتخفيف وطأتها، ولكي لا يقولوا أنها خطية ليرضوا الناس ويريحوا ضمائرهم، بل صوروها على أنها طبيعية والإنسان ولد بها وهي متأصلة في كيانه، ولا ينبغي أن نقول عنها خطية أو شرّ أو فساد، والحجة هي الدراسات النفسية والعلوم المتقدمة، وبذلك توافق الكثيرين مع الشرّ وتركوا وصية الله عن قصد ونية مُبيته في شكل مُجمَّل لخداع النفس التي لن يصير لها عذر فيما تصنع، لأنها أحبت الظلمة أكثر من النور، ولذلك دينونتها باقية لأنها حكمت على نفسها بنفسها والتصقت بالموت تاركة الحياة، لأن المريض الذي يُنكر طبيعة مرضه ويلغي خطورته ويُغير معناه ويرفض الذهاب للطبيب، بل يفتخر به ويتجمل، فأن مرضه لن يرحمه، بل سيتفاقم ويشتد، ليصير له في النهاية سبب موت مُحقق؛ وهكذا الإنسان المريض بالخطية فأنها لا تتركه، بل تمسكه وتُقيده، وتنتشر وتنفرش على كيانه كله حتى يصير كُله حِطاماً من داخله، كأطلال مدينة حطمها زلزال مُدمر مع بركان عظيم هائج، لأن الخطية بطبيعتها مُدمرة للنفس وقاتلة، لأنها – حسب طبيعتها – وباء شديد الخطورة، سريع الانتشار كالخميرة في العجين، لأنها متى ملكت فأنها تملك بالموت، وهي مثل شخص – موفور الصحة وفي تمام العافية – ذهب لمكان موبوء بمرض مُعدي فتاك، ظناً منه أنه لن يتأثر ليحصل على لذة لقاء مع من يحبهم ساعة، ولكنه عاد مملوء من كل وباء خطير، ينتشر ويتفشى في جسده كله ويزداد مع الوقت حتى يقضي عليه تماماً في النهاية، وهذه هي نتيجة الشركة مع رافضي التوبة والذين يسرون بالإثم ويقنونه بصورة لطيفة مُحببة ومقنعة للعقل، لأنه سيحدث توافق معهم، وانسجام فكري، ويتم التقليل من خطورة الشرّ القاتل للنفس ومفسدها، لذلك علينا أن نحذر جداً لأنه لا ينبغي أن يخدعنا أحد بكلام معسول باطل، لأن بسببه سندخل تحت سلطان الموت الذي يعمل في أبناء المعصية.
  رد مع اقتباس