عرض مشاركة واحدة
  #64  
قديم 01 - 11 - 2018, 04:08 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
Mary Naeem Mary Naeem غير متواجد حالياً
† Admin Woman †
 
تاريخ التسجيل: May 2012
الدولة: Egypt
المشاركات: 1,314,334

92. وإذ قال هذا قبلاه، ثم رفع رجليه، وكأنه رأى أصدقاء قادمين إليه وفرح بهم، لأنه إذ رقد بدت طلعته باشة، وعندئذ مات وضم إلى الآباء. أما هما فبناء علي وصيته لفاه ودفناه مخبئين جسده تحت الأرض، ولا يعرف أحد حتى اليوم أين دفن سوى هذين الاثنين والذى تقبل جلد الغنم من المغبوط أنطونيوس، والذى تقبل الثوب الذى كان يلبسه، حسبا ذلك كنزا نفيساً، لأن مجرد التطلع إلى هذين الرداءين كان يعتبر تطلعا إلى أنطونيوس. وكل من لبسهما كان يبدوا كأنه حامل نصائحه بفرح.
93. هذه هي نهاية حياة أنطونيوس في الجسد. أما الوصف الذى تقدم فهو لمحة عن نسكه، وأن كان هذا الوصف أقل مما يستحقه. فإنك بهذا يمكنك أن تدرك كيف كان أنطونيوس رجل الله عظيما. ذاك الذى منذ شبابه إلى سن متقدمة كهذه، احتفظ بغيرة ثابتة نحو النسك، ولم ينغلب بسبب تقدم سنة من شهوة الأطعمة الفاخرة، ولا غير طريقة ملابسه بسبب ضعف جسمه. ومع ذلك ظل سليما من كل أذى، لأن عينيه لم تظلما، بل بقيت سليمتين تماما، وكان يرى بوضوح، أما أسنانه فلم يفقد واحدة منا، بل زادتها شيخوخته ثباتا من اللثة. وظل قوى اليدين والقدمين. وبينما كان كل الناس يستعملون أطعمه منوعة وثيابا متعددة كان هو يبدو أكثر انشراحا وأوفر قوة
(ببساطة طعامه وملبسه).

أما ذيوع شهرته في كل مكان، واحترام الجميع له بإعجاب، واشتاق الذين لم يروه لمشاهدته، فكل هذا برهان واضح علي فضيلته ومحبه الله لنفسه. لأن أنطونيوس لم يشتهر بسبب كتاباته أو بسبب أية حكمة عالمية أو أي فن ، بل بسبب تقواه نحو الله فقط. وليس من ينكر أن هذه كانت موهبة من الله لأنه من أين كان ممكنا أن يسمع عن ذلك الرجل في أسبانيا وبلاد الغال. فى روما وأفريقيا، لولا الله الذى يجعل أخصاءه معروفين في كل مكان، والذى وعد أيضا أنطونيوس بهذا في البداية؟ لأنهم حتى إن عملوا في الخفاء، وأرادوا أن يبقوا متوارين، إلا أن الرب يظهرهم كمصابيح لإناره الجميع لكي يعرف كل من يسمعون أن وصايا الله قادرة علي أن تقود الناس إلى النجاح، فيزدادوا غيرة في طريق الفضيلة.
رد مع اقتباس