29. ولكن إن قال واحد، وهو يذكر قصة أيوب، لماذا إذا خرج إبليس وتمم كل شئ ضده، وجرده من كل ممتلكاته، وقتل بنيه، وضربه بقروح ردية؟ فليذكر مثل هذا من الناحية الأخرى، إن إبليس لم يكن هو القوي، بل الله الذي سلم إليه أيوب لامتحانه. يقينا أنه لم تكن لديه قوه لعمل شئ، ولكنه طلب، وإذ أجيب إلى طلبه فعل ما فعل. ومن هذا أيضاً يزداد افتضاح العدو، إذ أنه لم يقدر علي شخص بار واحد رغم أنه أراد إيذاءه. لأنه لو كانت له قوة لما طلب الأذن. أما وقد طلب، لا مرة واحدة بل مرة أخري أيضاً، فقد بين ضعفه وافتقاره إلي القوة. وليس عجيبا أن عجز عن أن يفعل شيئا ضد أيوب. إن كان الهلاك لم يحل بمواشيه أو لم يكن الله قد سمح بذلك وليس لدية سلطان علي الخنازير، لأنه مكتوب في الإنجيل أن الشياطين طلبت من الرب قائلة: إئذن لنا أن ندخل الخنازير[64]. وإن لم يكن لها سلطان حتى علي الخنازير فبالأولي جداً ليس لها سلطان علي البشر [65]، الذين قد تكونوا علي صورة الله.
30. إذا وجب أن نخاف الله فقط ونحتقر الشياطين، ولا نرهبها. بل كلما ازدادت هي في عمل هذه وجب أن نضاعف نحن نسكنا ضدها، لأن الحياة الصالحة والإيمان بالله سلاح قوي. وعلي أي حال فهي تخشى الصوم، والسهر، والصلوات، والوداعة، والهدوء، واحتقار المال، والمجد الباطل، والتواضع، ومحبة المساكين، والصدقة، وتحرر النساك من الغضب، وفوق الكل تقواهم نحو المسيح، لذلك فهي تفعل كل شئ لكي لا يكون لا يكون هناك من يطأها إذ تعرف النعمة المعطاة للمؤمنين ضدها بواسطة المخلص حينما قال" ها أنا أعطيكم سلطانا لتدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو[66].