25. ثم هي أيضا مخادعة، وهي مستعدة لتغيير نفسها في كل الأشكال، واتخاذ كل المظاهر. وهي أيضاً ـ دون أن تظهرـ كثيراً ما قلدت نغمات القيثارة والصوت، ورددت كلمات الكتاب المقدس. وفي بعض الأحيان أيضاً عندما نقرأ تردد في الحال مرارا كثيرة ما قرئ كأنه صدي الصوت. وهي توقظنا من نومنا للصلاة. وتفعل هذا بصفة مستمرة، بحيث لا تدعنا ننام علي الإطلاق.
وفي وقت آخر تتخذ شكل الرهبان. وتتظاهر بكلام القديسين، لعلها بأشباههم تخدع فرائسها وتجرها حيث أرادت. ولكن يجب أن لا يؤبه لها. حتى إذا أيقظتنا للصلاة، وحتى إذا أوعزت إلينا أن لا نأكل علي الإطلاق، أو وبختنا وأخجلتنا من أجل تلك الأمور التي أباحتها لنا في الماضي، لأنها لا تفعل هذا من أجل التقوى والحق، بل لكي تحمل البسطاء علي اليأس، ولكي تقول أن النسك لا فائدة منه. وتجعل الناس يكرهون حياة الوحدة كأمر شاق وحمل ثقيل، وتعطل أولئك الذين يسلكون فيها بالرغم منها.
26. لهذا أعلن النبي المرسل من الله بأنها تعسة قائلاً: "ويل لمن يسقي صاحبة هلاكا طينيا"[56]. لأن مثل هذه التصرفات والحيل تدمر الطريق المؤدي إلى الفضيلة.
والرب نفسه، حتى مع تَكَلمُ الشياطين بالحق، لأنها بحق قالت "أنت ابن الله"[57]. كمم أفواهها، ولم يدعها تتكلم، لئلا تزرع شرها مع الحق، ولكي يعودنا علي أن لا نبالي بها علي الإطلاق، حتى إذا بدا أنها تتكلم بالحق، لأنه لا يليق بنا، بعد الحصول علي الأسفار المقدسة والحرية من المخلص، أن تتعلم من إبليس الذي لم يحفظ رتبته، بل انتقل من فكر إلى آخر. ولذلك، فمع استعماله لغة الكتاب المقدس، منعه الرب قائلاً: "وللشرير قال الله مالك تحدث بفرائضي وتحمل عهدي علي فمك"[58]. لأن الشياطين تفعل كل شئ، فهي تهذر وتربك، وتتنكر، وتحيرـ ذلك لتخدع البسطاء ـ وهي تطن وتضحك بجنون، وتصفر. وإذا لم يلتفت إليها تبكي في الحال وتنوح كأنها قد غلبت.