17. لذلك يا أبنائى يجب أن لا نكل، أو نحسب الزمن طويلا، أو أننا نعمل أمرا عظيماً، "لأن آلام الزمان الحاضر لا تقاس بالمجد العتيد أن يستعلن فينا"[34]. كذلك يجب أن لا نظن ونحن ننظر إلي العالم أننا قد تركنا شيئا ذا أهمية كبيرة، لأن كل الأرض تافهة جدا إذا قيست بكل السماء. وحتى لو كنا أسيادا على كل الأرض وتركناها كلها فإنها لا تقاس بالمرة بملكوت السماء. لأنه كما أن الإنسان إن احتقر درهماً من النحاس لكي يربح مائة درهم من ذهب. هكذا لو كان سيداً لكل الأرض وتركها فان ما يتركه زهيد وينال مائة ضعف. إن كانت كل الأرض لا توازى السماوات فى قيمتها فإن من يترك أفدنة قليلة كأنه لم يترك شيئا. وحتى إن كان قد ترك بيتاً أو ذهباً وفيراً وجب ألا يفتخر أو يكتئب.
والأكثر من هذا يجب أن ندرك بأننا حتى أن لم نتركها من أجل الفضيلة فإننا فيما بعد حينما نموت سوف نتركها وراءنا ـ فى غالب الأحيان ـ لمن لا نحب كما يقول الجامعة[35]. إذاً فلماذا لا نتركها من أجل الفضيلة لكي نرث ملكوتا ؟
لهذا يجب أن لا تتملك على واحد رغبة الامتلاك، لأنه أي ربح نجنيه من الحصول على تلك الأشياء التي لا نستطيع أخذها معنا ؟ ولماذا لا نحصل بالحرى على تلك التي نستطيع أخذها معنا. الحكمة، والتعقل، والعدل، والاعتدال، والشجاعة، والفهم، والمحبة، والرحمة على الفقراء، والإيمان بالمسيح، والتحرر من الغضب، وكرم الضيافة ؟ إن امتلكنا هذه وجدناها من تلقاء ذاتها تعد لنا ترحيبا هناك فى أرض الودعاء.