عموماً باختصار شديد
إن للإنسان المحدود أماني متسعة جداً غير محدودة، يسعى جاهداً لكي يُحققها، رغم جهله بمصدرها وكيفية إشباعها شبع حقيقي، لذلك يعيش في توترّ وقلق دائم مصحوب بحزن داخلي موجع لنفسه جداً.
ولكن ما هوَّ سرّ هذا التفاوت الصارخ الذي في حياة الإنسان؟ من أين أتى هذا السعي إلى اللامتناهي والمطلق، رغم أن خبرته في الحياة تُقدم لهُ المحدود الزمني أي المحدود النسبي، الذي لا يُشبعه على الإطلاق، بل يزيده قلق وجوع يصل لحد الحزن والضيق الشديد؟
في الحقيقة، أن في أعماق الإنسان المحدود،
في الداخل، صورة أصلية لكائن أعلى وأسمى غير محدود، لذلك فأن سعي الإنسان إلى المطلق هو تعبير عن حنينه وشوقه الباطني لأصل الصورة المُشكل عليها، فالصورة تحن لأصلها.
فخيبة الإنسان وخطأه الدائم،
هوَّ أنهُ ما زال يبحث عما يروي عطشه ويُسدد احتياجاته في هذا العالم الحاضر، أي بين المخلوقات والمجتمع، وطلب كل ما هوَّ على الأرض، فهوَّ يطلب حياة كريمة معقولة ليس فيها شرّ، ويتمنى عملاً يبعده عن التفكير بالشرّ ويجعله يحيا حياة كريمة ويسدد كل احتياجاته، ويسعى لحياة تجعله يهدأ لنفسه أو حب يُشبع قلبه، وزوجة صالحة تهتم به وتُشبع احتياجاته النفسية والعاطفية، وكلها طلبات عادية ومشروعة لأي إنسان طبيعي، ولكن مهما ما كانت (هذا المتطلبات) عظيمة وشريفة، لكنها – في النهاية – تخص الأرض والحياة الطبيعية في المجتمع، ومع أن كل هذا طبيعي وجيد جداً لكل إنسان، لكن هيهات أن أشبع قلبه وأعطاه السلام الذي يرجوه والراحة التي يسعى إليها، أو يعطيه ضمان الحياة الأبدية.