[walaa farouk]

بينما كانت الجموع تُزاحم يَسوع ، كان زكا يركُض ،
وحياته تسري امامه كشريط سينمائي ،
كَم ظلمت من الناس ، الكُل يكرهني ،
لابد ان يَسوع يعرف اني عشار !!
لا استطيع ان اقترب منه !

هل لو اقتربت منه لأنتهرني ؟
هل من المُمكن ان يوبخني امام الجميع ؟!
و بماذا سأدافع عَن نفسي ؟!

آآآه يا زكا !
ماذا فعلت بنفسك !
ها قد اتي من تكشف عيناه عوارك ولا تستطيع ان تختبيء !!

قيل عَنه انه مُحب للفقراء ،
و البُسطاء ،
قد إختار تلاميذه من الصيادين ،
قال البعض ان هُناك عشار يتبعه من تلاميذه !!
تُري هل هذا صحيح ؟!
هل كان هذا العشار خاطيء مثلي و يسوع قبله ؟!
أم انه كان اكثر برا ً مني ! لذلك لم يرفضه !

هل لو زاحمت الجموع أراه !
أنا قصير القامة ،
هل لو ناديته يَسمعني ؟
هل لو سمعني يستجيب ؟

لن اقترب بخطيتي ،
سأراه من بعيد ،
سأصعد علي هذه الجميزة العجوز وأمد بصري نحوه ،
لعلي أراه !

هيا يا زكا !!
هل كبرت يا عجوز !
كم هي زلقة هذه الجميزة ،
يبدو انها فكرة صعبة !
كيف سأصعد !!
سأحاول مجددا ً ..
تشبثي يا يدي في هذا الجزع ،
ها هو ، اراه من هُنا !!

قد رفعت نفسي علي خشب الجميزة ،
فرأيته ،
جَمعا ً كثيرا ً حوله ،
وهو يَشُق الطريق وسطهم ،
ما هذا .. !
هل ينظر إليَّ !!
يسوع يَنظُر إليَّ انا !!
انت تهذي يا زكا !!
لست اهذي !!
ها هو ، ينظر إليّ ويبتسم !!
يا ويلي ، ما هذا الحُب العجيب في عينيه !
كأنه يعرفني من بطن امي !!
ما هذا الحنان الغامر ،
امسح دمعك يا زكا ،
لئلا يَضحك عليك الناس ،

هو قادم نحوك !
فتشدد !!
تُري ماذا سيقول لي ؟!
هل ينتهرني ؟!
هل يُعاتبني ؟!
هل يُعاقبني ؟!

اسكت يا زكا ،
فهو يعرف الأفكار !
أصمتي يا نفسي واستمعي صوته ،
تهلل يا قلبي وثبت انظارك عليه ..

سأختبي وراء الجزع ،
حتي لا يراني ،
أنا العريان ،
كيف انظر لعينيه و كلي خطية !!
فهو قطعا ً لن ينظر لخاطيء مثلي ..
يا ليته يُشفق عليَّ ويتحنن ،
لكني غير مُستحق !

آه كم اود ان اصافحه ،
انه يقترب من المكان !
يخالجني شعور غريب من الحب و الرهبة ،
الفرح الشديد و الندم !
وتسللت دموع علي وجه زكا و صرخ في قلبه :
يارب سامحني !!
يارب سامحني !!

وبينما زكا يُفكر ،
جاء يَسوع و نَظَرَ إِلَى فَوْقُ فَرَآهُ، وَقَالَ لَهُ:

" يَا زَكَّا، أَسْرِعْ وَانْزِلْ، لأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أَمْكُثَ الْيَوْمَ فِي بَيْتِكَ " .



لوقا ١٩ : ٥