الموضوع: فكرة × اية
عرض مشاركة واحدة
قديم 26 - 09 - 2018, 12:35 PM   رقم المشاركة : ( 3 )
بنت معلم الاجيال Female
..::| مشرفة |::..


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 45
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 36
الـــــدولـــــــــــة : القاهرة
المشاركـــــــات : 58,440

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

بنت معلم الاجيال غير متواجد حالياً

افتراضي رد: فكرة × اية

العمل الداخلي للصمت

عدم الكلام هو المظهر الخارجي للصمت. ولكن الصمت لا يقتصر على هذا الجانب السلبي، إنما له إيجابيات.

فالعمل الداخلي للصمت هو أن يغوص الإنسان داخل نفسه، في استفادة روحية للتأمل والتفكير في الإلهيات، وللصلاة. وهكذا ينتفع روحيًا من صمته.

إنه لا يتكلم مع الناس، لأنه في نفس الوقت يتكلم مع الله... لذلك هو يجلس وحده، لكي يتمتع بالله.

وبهذا لا تكون الوحدة هي مجرد الإنسان وحده...

أنها قد أخطأت الطريق.

والعمل الداخلي له اتجاهان: عمل مع الله، وعمل مع النفس...

أنت تعمل مع نفسك لكي تضبطها حسنًا، وتراقب كل أفكارها وحواسها ورغباتها، وتبكتها إن انحرفت، وتعيد مسارها إلى الوضع السليم، وتقنعها بطريق الرب وجماله، وتذكرها بالأبدية لكي تعد ذاتها لها بكل جدية وجهاد...

وعملك مع الله أن تصارع الله لكي يثبت ملكوته في قلبك. كذلك عملك مع الله هو المفاجأة والحب...

لاشك أن تكوين علاقة مع الله، وتعميقها يوم بعد يوم، هو عمل داخلي. وهذا العمل الداخلي لا تصلح له المظاهر الخارجية ولا الشكليات، ولا السلوك في الطريق الروحي كمجرد واجب...

والحياة الروحية ليست مجرد ممارسات خارجية وقوانين ونواميس، إنما هي محبة لله وللناس. والمحبة عمل داخلي، يحتاج إلى رعاية وحفظ وتنمية...

هذا من جهة الذين في العالم. أما الرهبان فعملهم الداخلي يأخذ معني أكثر عمقًا وسموًا... ولهذا نسأل:

ما معنى عبارة راهب عمال؟

الراهب العمال هو المنشغل باستمرار بالعمل الجواني، بحيث يكون عقله وفكره يشتغلان باستمرار مع الله.

وإن كان قد قيل عن الرهبنة إنها " الانحلال من الكل، للارتباط بالواحد"... يكون العمل الجواني للراهب إذن، هو كيف يربط عقله باستمرار بالله، وكيف يربط كل عواطفه بمحبة الله، ويطرد كل فكر غير ذلك.

لهذا عليه أن ينشغل بالصلاة والتأمل والتسبيح والترتيل والقراءة الروحية، حتى يكون عقله مع الله دائمًا. لأنه إن لم يفعل هكذا، سيشرد ذهنه بعيدًا، ويقع في طياشة الأفكار.

وعمله الجواني مع الله يدعوه بالضرورة إلى التزام الصمت...

وذلك كما كان يقول القديس أرسانيوس "لا استطيع أن أتكلم مع الله والناس في نفس الوقت"...

وكما قال أحد الآباء: الراهب الكثير الكلام، يدل على أنه فارغ من الداخل أي فارغ من العمل الجواني.

لهذا لجأ الآباء إلى الوحدة، وحصروا على الصمت وحفظ الحواس، لكي يستمروا في عملهم الداخلي مع الله، حتى وصلوا إلى الصلاة الدائمة وإلى صلب العقل فلا يطيش هنا وهناك.
  رد مع اقتباس