وفي الحقيقة والواقع الروحي واللاهوتي، هذا هو صوت روحه القدوس فينا،
الذي يوجهنا ويُحركنا نحو المسيح الرب بقوة جذب الآب الخاص، لأن لا يقدر أحد أن يأتي للمسيح الرب من ذاته، بسبب أنه وجد نفسه ضال عنه وبعيد وتائه ومشتت، لأن بسبب كثرة الإثم والعبث مع الخطية فأن المحبة تصير باردة مُطفأة، وفي تلك الحالة فأنه لا يوجد في قلبه أي شوق خاص من نحو الله وبخاصة لو الشهوة هي المالكة على قلبه ويميل نحوها، لأن بطبيعتها تُطفأ الشوق نحو الله الحي وتُصيب الإنسان بالجنون حتى يظل يطعن نفسه بالأوجاع الكثيرة، ويصير مريض شهوته التي تُشعل كل رغبه فيه في أن يُتممها لأنها هي حياته وفرحه الخاص، حتى أنه صار لها عبداً واقعاً تحت سلطان الموت الذي تحمله في باطنها، وكل ضال بهذا الشكل لا يستطيع أن يعرف الطريق من ذاته، بكونه ملهياً باللذة التي تستنفذ كل قواه الروحية والجسدية، فيحيا في حالة تيه في برية قفر العالم اليابس، الأرض الناشفة التي بلا ماء الحياة: عطشت إليك نفسي، يشتاق إليك جسدي في أرض ناشفة ويابسة بلا ماء. (مزمور 63: 1)