سرّ صعوبة الأعمال الروحية وتتميم الوصية
v تحية مقدسة في الرب تشع سلام وبهجة
لكل نفس تتطوق وتشتاق أن تُعاين نور مجد الله الحي
لأن علامة المسيحي الحقيقي، هي رغبة قلبه الظاهرة في اشتياقه الخاص الذي يفرغه في صلاته الشخصية على مذبح قلبه أمام الله الحي في مخدعه الخاص وبابه مُغلق، لأن صلاته الداخلية هي التي يصغي إليها الله ويسمعها ويتعامل معها، لأنها تصعد أمامه سريعاً، فيزن قلبه على ميزان المحبة الحقيقية التي من نحوه، فأن وجده سليماً فأنه يفيض ويعطيه حسب سؤل قلبه، وهي تحقيق الرغبة في معاينة المجد الفائق للطبيعة، الذي لا يُعطى إلا بنقاوى القلب وحالة القداسة التي يسعى إليها الإنسان من أجل هذا الغرض، لذلك فهو يلجأ للوصية المقدسة دائماً لكي تنقي قلبه وتشفي نفسه من كل الأمراض والأوجاع الداخلية. v وحينما يرى الله الحي أمانة النفس
وطوقها المتقد وشوقها المتزايد من نحو معاينته والشركة معه ورغبة الارتفاع إليه، فأنه يغمرها بنعمة خاصة جديدة متجددة متزايدة تُحقق هذه الغاية المُقدسة جداً، ويُلبسها قوة من الأعالي لتُصاحبها وتُرافقها وتحفظ مسيرتها، وتحارب لأجلها وتبعد عنها الأرواح الشريرة، وترفع كل المعوقات التي تعوق مسيرتها نحو الأعالي، لذلك يا إخوتي علينا أن نسعى دائماً أن نقتني تلك القوة العُليا في داخلنا حتى يهابنا الشيطان، وحتى نكون مجتهدين نشطين غيورين في كل أعمالنا الروحية حسب الإنجيل. v وعلينا ان نلاحظ أن تلك القوة العلوية
ليست مُثمنه ولا تُأخذ باستحقاق من أحد ولا بجهاد ولا شطارة إنسان مهما ما على شأنه أو ضعف، لأنها هدية ثمينة للغاية، عطية الله المُعطاة والموهوبة لنا في المسيح يسوع ربنا، أنها قوة الروح القدس أعظم وأثمن عطية وأغلى من كل كنز نعرفه أو نفكر فيه على الإطلاق، الذي منه تأتي كل تعزية تؤيدنا وتقوينا وتريح نفوسنا في وسط أتعاب بذل النفس وحرب العالم الحاضر الشرير الذي كل ما فيه شهوة العيون، شهوة الجسد، تعظم المعيشة، التي ليست من الآب بل من العالم، والعالم يمضي وشهوته تزول، هذه التي لا يرتاح فيها الإنسان أو تجعلهُ مستقراً، لأنها – حسب طبيعتها الزائلة – تزيده قلق واضطراب وتبعده عن تتميم مشيئة الله حتى لا يثبت إلى الأبد. (1يوحنا 2: 16، 17). v فلننتبه ونطلب عطية الله أن تملأ قلبنا بالتمام،
لأننا لو راعيناها وحفظنا على كل ما نحصل عليه منها، فأن الرب يؤازرنا بها، ويزيدنا منها قوة فوق قوة، لأنه يهبها لكل من هو أميناً فيها، لذلك فهو لا يُعطيها مرة واحدة، بل يعطي منها شيئاً وحينما يحفظها الإنسان ككنز ثمين [لا يُفرط فيه بعبثه باللذات الوقتية ومخالفة الوصية وكسله وتراخيه وإهماله مخدعه وكل أعماله الروحية التي نال قوتها من الله كهبة نعمة]، فأنه يُزيده منها ويعطيه أسرار فائقة للطبيعة ويهبه هبات وعطايا كثيرة كبركة وميراث أبدي لا يزول. v لذلك يقول الرسول في حكمة الروح
التي لا يُدركها إلا رجال الله القديسون: امتلئوا بالروح (أفسس 5: 18)، وامتلئوا هنا (د€خ»خ·دپخ؟ل؟¦دƒخ¸خµ) لا تفيد الامتلاء العادي لأن المعنى = [معبأ، مُشْبَع، تام، مكتمل، مَلِيء (مَلآن؛ مَمْلُوء)، زاخر بـ، عامر بـ، غني، فائض]، فالكلمة تعني الاستمرار في الامتلاء حتى التشبع، أي الملء التام، أي يكون الإنسان إناء عامر بالروح، أي غني بالروح حتى الفيض، بمعنى أن يظل يمتلئ باستمرار وبلا توقف حتى يتشبع بالروح تماماً ويصل للملء التام حتى يفيض منه طبيعياً بسبب فيض الملء، مثلما نظل نملأ كوباً بالماء حتى آخره ونُزيد حتى يفيض الماء للخارج ويغسله وينساب حوله، وكلما تزيد ينتشر ويتسع في المحيط المجاور لهُ. v ومما سبق عليك عزيزي القارئ أن تعلم
أن سرّ صعوبة الأعمال الروحية وعدم القدرة على تتميم الوصية والتراجع والتقهقر في الطريق السماوي الصالح، يكمن في فقدان القوة الإلهية ومؤازرتها، لأنها هي وحدها التي تجعل كل الأعمال الإلهية سهلة بسيطة ومحبوبة لنفوسنا جداً، لأن من المستحيل تتميم الوصية والحياة بها ونحن نفتقر جداً لتلك القوة العلوية التي من عند أبي الأنوار. v لذلك علينا ألا نسكت ولا ندعه يسكت
بصراخنا المتواصل إليه ليلاً ونهاراً، في كل وقت مناسب وغير مناسب، في مخادعنا وبابنا مغلق، أو اثناء سيرنا لعملنا سراً في قلوبنا، أو في صلواتنا الجماعية، أو حتى في كل مكان وزمان، حتى تحل تلك القوة فينا وتملأ كل ركن من أركان نفوسنا حتى نتشبع بها تماماً، بل ولا نسكت حتى تظل تزداد فينا وتفيض، لأنها هي من ترافقنا وترشدنا وتهدينا لملكوت الله وبره.
سلام من الله إلى قلوبكم وفي كل عمل محبة تعملونه
من أجل الآب أبينا في المسيح يسوع ربنا آمين