عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 12 - 05 - 2012, 08:07 AM
الصورة الرمزية tito227
 
tito227 Male
..::| VIP |::..

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  tito227 غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 17
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 2,845

الخدمة الروحية والاجتماعية 16\5\2010


الخدمة الروحية والاجتماعية


بقلم قداسة البابا شنودة


16\5\2010



الإنسان الروحي لا يحيا لنفسه فقط‏,‏ وما أجمل المثل الذي يقول‏:‏ ما عاش من عاش لنفسه فقط‏,‏ ففي خدمة الآخرين لابد أن يخرج الإنسان من قوقعة نفسه ليلتقي بالغير‏,‏ ويشبع الكل من محبته‏.

ويشعر بأن رسالته في الحياة هي أن يفعل خيرا مع كل من يدفعه الله في طريقه‏,‏ وكلما يتسع قلبه‏,‏ تتسع دائرة خدمته‏,‏ فلا تقتصر علي معارفه وزملائه وأصدقائه‏,‏ بل تصل إلي نطاق أوسع بكثير‏.‏ ومادام الإنسان يستطيع أن يعمل الخير نحو الغير‏,‏ فعدم قيامه بذلك يعتبر خطيئة‏,‏ ولنضع أمامنا هذه القاعدة من يعرف أن يعمل خيرا ولا يفعل فتلك خطية له‏.‏ وخدمة الآخرين في جوهرها ما هي إلا تعبير عن الحب المختزن في القلب من نحو الله والناس‏,‏ فأنت إن أحببت الناس فسوف تخدمهم بكل الوسائل المتاحة لك والنافعة لهم‏.‏ والخدمة المقدمة للآخرين‏,‏ منها الروحية والاجتماعية أيضا وخدمات أخري‏,‏ فمن جهة الخدمة الروحية نذكر التعليم الروحي وقيادة الغير إلي التوبة‏,‏ لأن من رد خاطئا عن ضلال‏,‏ يخلص نفسا من الموت ويستر كثرة من الخطايا‏,‏ أما الخدمة الاجتماعية فهي الاهتمام باحتياجات الآخرين الذين لا يجدون كفايتهم في أمور المعيشة‏,‏ ونذكر من بين هؤلاء‏:‏ الفقراء والمعوزين والأيتام والأرامل والمرضي وكل المضارين والمحتاجين‏,‏ فاسأل نفسك‏:‏ ما مصير الآخرين في حياتك؟
اتذكر أنه في إحدي المرات سألني طبيب جراح عما يستطيع أن يعمله لأجل الآخرين‏,‏ فقلت له‏:‏ علي الأقل عشر العمليات الجراحية التي تقوم بإجرائها لتكن للفقراء والمحتاجين بغير أجر‏,‏ وهكذا يكون لله وللناس نصيب في علمك وعملك‏,‏ وبهذا تعبر عن محبتك للفقراء‏.‏
وما أجمل ما تقدمه بعض الهيئات المحلية أو العالمية من خدمات مثل جمعيات الاسعاف وهيئة اطفاء الحرائق والهيئات الدولية للاغاثة‏,‏ وأمثالها التي تقدم معونة في حالات الكوارث الطبيعية كالفيضانات أو السيول أو المجاعات‏,‏ ومن تلقاء ذاتها تقوم بإغاثة المحتاجين‏.‏
إن كل شخص مطالب بأن يفعل شيئا من أجل أخيه الإنسان‏,‏ دون أن يكلف بذلك من هيئة رسمية‏,‏ بل إن كل شخص عليه أن يخدم غيره حسب النعمة المعطاة له‏,‏ والإنسان الخدوم أقصد الذي فيه روح الخدمة تجده يخدم في كل مجال‏:‏ في البيت‏,‏ في مكان العمل أو الدراسة‏,‏ في الطريق‏,‏ في النادي‏..‏ مع كل أحد‏,‏ إنه إنسان معطاء كل من يقابله لابد أن ينال من عطائه‏.‏
وفي خدمتك لللآخرين سوف تنال فوائد كثيرة لنفسك‏.‏
فكما تعطي المخدومين حبا من قلبك‏,‏ كذلك يشبع قلبك حبا بهذه الخدمة‏,‏ فالذي يخدم الأيتام أو المرضي أو المعوقين أو الفقراء والمحتاجين عموما لاشك أن قلبه سيمتليء في الخدمة بمشاعر عميقة تسمو بنفسه‏,‏ فإن العاطفة التي يكتسبها الإنسان في حماية الآخرين من الألم والمعاناة هي أقوي بكثير من الخيرات الروحية‏,‏ ومن علاقته بالله الذي يعينه في الخدمة‏.‏
فلا شك أنك في الخدمة يعمل الله معك‏,‏ ويعمل فيك‏,‏ ويعمل بك‏,‏ وفي كل ذلك تري عجائب من عمل الله‏,‏ كيف يتدخل في كل الأمور المعقدة‏,‏ ويفتح لك بعض الأبواب المغلقة‏,‏ أو يقدم لك حلولا للمشاكل ما كنت تفكر فيها‏,‏ أو يرسل لك معونات من حيث لا تدري‏,‏ فتمجد الله في كل عملك‏,‏ أما الذين لا يخدمون الغير فإنهم يحرمون أنفسهم من كل هذه الخيرات الروحية‏.‏
والخدمة أيضا تفيدك في أنها مدرسة للصلاة‏,‏ ذلك لأنك كلما تخدم الآخرين أو تعمل علي حل مشاكلهم‏,‏ كلما تشعر بأن هناك أمورا تحتاج إلي معونة إلهية‏,‏ فتتدرب علي الصلاة من أجلها‏,‏ كما أنك تصلي لكي يبارك الله العمل الذي تعمله‏,‏ ولا يتركك وحدك‏,‏ وقد تصلي وتطلب قائلا‏:‏ إن هؤلاء الناس المحتاجين يحتاجون بالأكثر أن تكون لهم علاقة بك يارب متصلة دائما من أجلهم‏,‏ فأعطني ذلك ليس من أجلهم فقط‏,‏ وإنما أيضا من أجل نفسي لكي ترعاني وترعاهم‏,‏ وتحفظني وتحفظهم‏,‏ وليتني أكون جسرا صالحا يصلون به إليك‏.‏ والخدمة تمنح الإنسان ألوانا من المعرفة‏,‏ فيعرف مشاكل الناس‏,‏ ويعرف تفاصيل كثيرة عن النفس البشرية وما يدور فيها من مشاعر‏,‏ ويعرف أيضا الحلول العملية لكل ما يتعرض له الناس من مشاكل داخلية وخارجية‏,‏ وإن لم يكن يعرف‏,‏ فعلي الأقل سيري كيف يتدخل المرشدون الروحيون في حل تلك المشاكل فتزداد خبرته في الحياة‏.‏ هناك أشخاص لا يقومون بالخدمة في ذاتها ولكنهم يساعدون علي ذلك بما يتبرعون به للخدمة‏,‏ أو علي الأقل يقومون بخدمة الصلاة من أجل أن ينجح الله خدمة العاملين ومن أجل أن يحل المشاكل‏,‏ وقد تكون لصلواتهم استجابة أكثر نفعا‏,‏ وتكون هي الخدمة الخفية التي تقوم علي أساسها الخدمة الظاهرة‏.‏
من شروط الخدمة أن تحب الناس الذين تخدمهم‏,‏ ولا يكون في نفسك ضيق أو تبرج‏,‏ واعرف أن طلاب الحاجات قد يلجأون أحيانا إلي الكذب والاحتيال‏,‏ أو يمتزج طلبهم بإلحاح متعب‏,‏ أو بضجيج وعلو صوت‏,‏ وقد يتبرم البعض بهم فيطردهم أو يقسو عليهم‏!‏ أما القلب المحب الخدوم‏,‏ فإنه لا يكتفي بمساعدة المحتاجين‏,‏ إنما يحتمل أيضا متاعبهم ويشعر أنه لولا احتياجهم الشديد‏,‏ ما كانوا يلجأون إلي تلك الأخطاء‏.‏
لا تجعل خدمتك للمحتاجين تتصف بالروتين‏,‏ أو مجرد النشاط بدون روح‏,‏ ولا تسمح للخدمة أن تفقدك وداعتك وتواضعك‏,‏ ولا تسمح لشيطان المجد الباطل بأن يتعبك بالمديح أو أن يرتفع قلبك بذلك‏,‏ بل قل لنفسك باستمرار‏:‏ أنا ما دخلت إلي الخدمة لكي أقع في خطايا جديدة‏,‏ إنما لكي أنمو روحيا‏!‏ إنما إن نجحت في خدمتك‏,‏ فلا تنسب ذلك إلي نفسك‏,‏ وإنما إلي الله الذي ساعدك‏,‏ وإلي الآخرين الذين تعاونوا معك‏,‏ وفي خدمة الفقراء ابعد عن أسلوب الأمر والنهي‏,‏ وليكن لك أدب التخاطب مع الصغير كما مع الكبير‏,‏ ومهما أوتيت من سلطة في الخدمة‏,‏ لا تكلم الناس من فوق‏,‏ ولا تتعال علي أحد‏,‏ ولا تقل عن نفسك إنك فاعل خير‏,‏ وإنما أنت خادم للخير‏.‏

رد مع اقتباس