02 - 07 - 2018, 05:46 PM
|
رقم المشاركة : ( 21003 )
|
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ولكي نفهم معنى التبني حسب إعلان الإنجيل،
علينا أن نُلاحظ أن الإنجيل تميز بإظهار شخصية يسوع المسيح الفريدة من ناحية طبيعته: [إله متجسد]، أي إظهار أنه ابن الله اللوغوس المتجسد، أي أن ابن الله صار ابناً للإنسان لأنه ولد من امرأة حسب التدبير – في ملء الزمان – مثل باقي الناس، مع انه في الأساس ابن الله طبيعياً (وحيد الجنس من هذه الناحية الأصيلة): والكلمة صار جسداً وحلَّ بيننا ورأينا مجده مجداً كما لوحيد (مونوجينيس خ¼خ؟خ½خ؟خ³خµخ½خ®د‚) من الآب (يوحنا 1: 14)، أي أن المسيح الرب حسب طبيعته فأنه وحيد الجنس أي وحيد من نوعه، منفرد من جهة علاقته بالله الآب ولا يوجد له (من جهة هذه العلاقة) مثيل في المُطلق، لأنها علاقة فريدة خاصة قائمة في جوهر، فعلاقة الابن بالآب من جهة الجوهر هو نور من نور إله حق من إله حق، مولود غير مخلوق مساوي للآب في الجوهر، بمعنى أنه منفرد بالبنوة الطبيعية مثل ولادة النور من النور باستمرار بلا توقف بشكل نعجز عن وصفه، مع انه موجود في الطبيعة بمثال الشمس التي هي نور تلد نور دائم بلا توقف، ولكن بالطبع هذا مجرد تشبيه هزيل لنفهم الصورة الغير مدركة في كمالها، بكونها علاقة خاصة في الثالوث القدوس يصعب شرحها جداً بدون إعلان الروح القدس في القلب.
ومن أجل انفراد بنوية المسيح لله الآب
(حسب طبيعته الإلهية المُميزة بصفته مونوجينيس خ¼خ؟خ½خ؟خ³خµخ½خ®د‚ وحيد الجنس منفرد بعلاقته الجوهرية مع الآب) فأن الإنجيل لا يُستخدم كلمه "ابن د…ل¼±دŒد‚" إلاَّ للمسيح الرب وحده كابن لله بالطبيعة بشكل خاص للغاية منفرد بنوعه، لذلك في افتتاحية إنجيل مرقس يقول [بدء إنجيل خµل½گخ±خ³خ³خµخ»خ¯خ؟د… يسوع المسيح ابن الله خ¥ل¼±خ؟ل؟¦ خکخµخ؟ل؟¦ – مرقس 1: 1]، ولكن بالنسبة لكل الذين قبلوه في قلوبهم مؤمنين به إلهاً متجسداً استخدم كلمة (أولاد الله د„خ*خ؛خ½خ± خکخµخ؟ل؟¦) والمعنى = المنحدر من أصل معين أو الحفيد من غير الأصول، وتأتي بمعنى أهل البيت المستوطنين فيه، وتأتي أيضاً بمعنى [ولد] أو [ابناً من ضمن أبناء]، فهو لم يستخدم كلمة (ابن منفرد أو مميز كوحيد الجنس، الذي لا يوجد شبيهاً لهُ من جهة العلاقة الطبيعية)، بل استخدم كلمة أولاد الله بالجمع وليس بالانفراد من الناحية الفريدة الطبيعية، مع أن الاختصاص هنا اختصاص منفرد لأنه يخص الله وحده، لأن كل الذين يقبلون الابن يصيرون أولاد لله وحده بشكل منفرد من جهة ابوته، يعني لن يوجد أب غيره لأولاده في المسيح، لذلك مكتوب:
وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَاناً أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللَّهِ أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ؛
اَلرُّوحُ نَفْسُهُ أَيْضاً يَشْهَدُ لأَرْوَاحِنَا أَنَّنَا أَوْلاَدُ اللهِ؛ لأَنَّ الْخَلِيقَةَ نَفْسَهَا أَيْضاً سَتُعْتَقُ مِنْ عُبُودِيَّةِ الْفَسَادِ إِلَى حُرِّيَّةِ مَجْدِ أَوْلاَدِ اللهِ؛ أَيْ لَيْسَ أَوْلاَدُ الْجَسَدِ هُمْ أَوْلاَدَ اللهِ، بَلْ أَوْلاَدُ الْمَوْعِدِ يُحْسَبُونَ نَسْلاً؛ أُنْظُرُوا أَيَّةَ مَحَبَّةٍ أَعْطَانَا الآبُ حَتَّى نُدْعَى أَوْلاَدَ اللهِ، مِنْ أَجْلِ هَذَا لاَ يَعْرِفُنَا الْعَالَمُ، لأَنَّهُ لاَ يَعْرِفُهُ؛ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، الآنَ نَحْنُ أَوْلاَدُ اللهِ، وَلَمْ يُظْهَرْ بَعْدُ مَاذَا سَنَكُونُ. وَلَكِنْ نَعْلَمُ أَنَّهُ إِذَا أُظْهِرَ نَكُونُ مِثْلَهُ، لأَنَّنَا سَنَرَاهُ كَمَا هُوَ؛ بِهَذَا أَوْلاَدُ اللهِ ظَاهِرُونَ وَأَوْلاَدُ إِبْلِيسَ. كُلُّ مَنْ لاَ يَفْعَلُ الْبِرَّ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ، وَكَذَا مَنْ لاَ يُحِبُّ أَخَاهُ؛ بِهَذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا نُحِبُّ أَوْلاَدَ اللهِ: إِذَا أَحْبَبْنَا اللهَ وَحَفِظْنَا وَصَايَاهُ. (يوحنا 1: 12؛ رومية 8: 16، 21؛ رومية 9: 8؛ 1يوحنا 3: 1، 2، 10؛ 5: 2)
انتبه عزيزي القارئ، لأن الموضوع يخصنا كلنا بالدرجة الأولى
بصفتنا مسيحيين لنا علاقة مع الله إذ أنه: [بالابن الوحيد نلنا العلاقة مع الآب وبهذه العلاقة صرنا ننتمي إليه، وذلك بتجسد الكلمة ودخوله في شركة معنا – القديس إيريناؤس ضد الهرطقات 3: 18: 7]، وبذلك صارت علاقتنا مع الله وطيدة مثبتة بالولادة السماوية، إذ صار لنا ميلاداً جديداً روحياً، أي مولودين (ليس بحسب الجسد) من الله بالماء والروح، أي بختم الحياة الأبدية لميلاد جديد في المسيح الرب من السماء.
فالإنجيل هنا يوضح لنا على وجه الدقة
ما هو وضعنا كأبناء لله حسب التدبير، لكي يُظهر لنا أن التبني ليس مجرد لقب يُعطى لنا بكوننا صرنا مسيحيين فلُقبنا به كلقب شرفي مثل ضيف الشرف في الأفلام والمسلسلات والحفلات التكريمية، بل هو في الحقيقة رتبة حقيقية تُقام على أساس [شركة طبيعة]، لأن المسيح الرب غرس نفسه في طبعنا الإنساني باتحاد غير قابل للافتراق، أي أنه اشترك في اللحم والدم وصار على شكلنا لكي يجعلنا على شكله، أي انه اشترك في طبعنا الإنساني، أو عجن طبيعتنا بطبعه لكي يُشركنا في طبعه بصورة ما أو على نحوٍ ما (ليس بالمساواة)، أي انه صار ابناً للإنسان لكي يصير كل ابن إنسان – الذي يؤمن به – ابناً لله بالتعيين (وهذا هو التبني).
وبمعنى أبسط وأوضح،
فأن المسيح الرب هو الشجرة الأصيلة التي طُعمنا فيها حسب مسرة الآب نفسه، وذلك بصفته (وهو ابن الله طبيعياً) الكرمة الحقيقية ونحن صرنا أغصاناً مُطعمة فيه، فنحن – في ذواتنا – لسنا أفرع نبتت أو توالدت أو خرجت طبيعياً أو من ذاتها بحسب النمو الطبيعي، لأنه ليس لنا أي شركة في الجوهر، أو في جذر الكرمة إطلاقاً، أي أننا لسنا أبناء من أنفسنا ولا طبيعياُ، بل نحن قائمين على أساس تعيين، أو تطعيم، إذ أن الله بنفسه هو الذي عين كل واحد فينا ابناً لهُ بيسوع المسيح، وكل واحد آمن بهذا التدبير واعتمد على اسم يسوع صار غصناً حياً مطعماً في الكرمة الحقيقية، لذلك فنحن لسنا الكرمة بل أغصان مطعمة في الكرمة وقائمة على جذرها الطبيعي الأصيل، لذلك مكتوب: [إذ سبق "فعيننا (هوَّ بشخصه)" للتبني بيسوع المسيح لنفسه حسب مسرة مشيئته؛ كما أن قدرته الإلهية قد وهبت لنا كل ما هو للحياة والتقوى بمعرفة الذي دعانا بالمجد والفضيلة. اللذين بهما قد وهب لنا المواعيد العظمى والثمينة لكي تصيروا بها شركاء الطبيعة الالهية هاربين من الفساد الذي في العالم بالشهوة] (أفسس 1: 5؛ 2بطرس 1: 3 – 4)
+ أَنَا الْكَرْمَةُ الْحَقِيقِيَّةُ وَأَبِي الْكَرَّامُ.
كُلُّ غُصْنٍ فِيَّ لاَ يَأْتِي بِثَمَرٍ يَنْزِعُهُ وَكُلُّ مَا يَأْتِي بِثَمَرٍ يُنَقِّيهِ لِيَأْتِيَ بِثَمَرٍ أَكْثَرَ. أَنْتُمُ الآنَ أَنْقِيَاءُ لِسَبَبِ الْكلاَمِ الَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ. اُثْبُتُوا فِيَّ وَأَنَا فِيكُمْ. كَمَا أَنَّ الْغُصْنَ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَأْتِيَ بِثَمَرٍ مِنْ ذَاتِهِ إِنْ لَمْ يَثْبُتْ فِي الْكَرْمَةِ كَذَلِكَ أَنْتُمْ أَيْضاً إِنْ لَمْ تَثْبُتُوا فِيَّ. أَنَا الْكَرْمَةُ وَأَنْتُمُ الأَغْصَانُ. الَّذِي يَثْبُتُ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ هَذَا يَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ لأَنَّكُمْ بِدُونِي لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئاً. إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يَثْبُتُ فِيَّ يُطْرَحُ خَارِجاً كَالْغُصْنِ فَيَجِفُّ وَيَجْمَعُونَهُ وَيَطْرَحُونَهُ فِي النَّارِ فَيَحْتَرِقُ. إِنْ ثَبَتُّمْ فِيَّ وَثَبَتَ كلاَمِي فِيكُمْ تَطْلُبُونَ مَا تُرِيدُونَ فَيَكُونُ لَكُمْ. بِهَذَا يَتَمَجَّدُ أَبِي أَنْ تَأْتُوا بِثَمَرٍ كَثِيرٍ فَتَكُونُونَ تلاَمِيذِي. كَمَا أَحَبَّنِي الآبُ كَذَلِكَ أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا. اُثْبُتُوا فِي مَحَبَّتِي. إِنْ حَفِظْتُمْ وَصَايَايَ تَثْبُتُونَ فِي مَحَبَّتِي كَمَا أَنِّي أَنَا قَدْ حَفِظْتُ وَصَايَا أَبِي وَأَثْبُتُ فِي مَحَبَّتِهِ. كَلَّمْتُكُمْ بِهَذَا لِكَيْ يَثْبُتَ فَرَحِي فِيكُمْ وَيُكْمَلَ فَرَحُكُمْ. هَذِهِ هِيَ وَصِيَّتِي أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضاًكَمَا أَحْبَبْتُكُمْ. لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ. أَنْتُمْ أَحِبَّائِي إِنْ فَعَلْتُمْ مَا أُوصِيكُمْ بِهِ. لاَ أَعُودُ أُسَمِّيكُمْ عَبِيداً لأَنَّ الْعَبْدَ لاَ يَعْلَمُ مَا يَعْمَلُ سَيِّدُهُ لَكِنِّي قَدْ سَمَّيْتُكُمْ أَحِبَّاءَ لأَنِّي أَعْلَمْتُكُمْ بِكُلِّ مَا سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي؛ والعبد لا يبقى في البيت إلى الأبد أما الابن فيبقى إلى الأبد. (يوحنا 15: 1 – 15؛ 8: 35)
وهُنا نرى ملامح عطية البنوة في المسيح لأجل خلاصنا بالشركة،
لأننا أن لم ننال يمين الشركة مع الله بواسطة الابن، أي بغرس حياته فينا فلن نخلص، لأن فيه الحياة والحياة نور الناس، وهو الذي قال: [أنا هو القيامة والحياة؛ أنا حي فأنتم ستحيون]، كما قال في حديثه مع الآب: [أنا فيهم وأنت فيَّ]، وهذا كله يُسمى تجديد الطبيعة، لأن طبعنا الساقط صار ميتاً عن الله، ولكي تعود لنا الحياة لا بد من أن ندخل في شركة الله المُحيية عن طريق غرس الحياة الإلهية فينا بواسطة الابن الوحيد، لكي نصير أبناء لله لنا ميراث الحياة الأبدية لا بأي سبب آخر أو واسطة أخرى سوى بالتجسد الإلهي.
|
|
|
|