عرض مشاركة واحدة
قديم 04 - 06 - 2018, 09:32 PM   رقم المشاركة : ( 3 )
MenA M.G Male
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية MenA M.G

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 123114
تـاريخ التسجيـل : Aug 2016
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 109,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

MenA M.G غير متواجد حالياً

new رد: أمثال سليمان 5 - تفسير سفر الأمثال صوت الزانية

3. علاج الانحلال
"أشرب مياهًا من جُبّك،

ومياهًا جارية من بئرك" [15].

قديمًا كان أصحاب البيوت والحقول يعتزون بالآبار التي يشقونها والجُب الذي يحفرونه كأشياء خاصة وثمينة للغاية (2مل31:18؛ إر6:38).

هنا يشير إلى الأمانة في الحياة الزوجية، حيث يرتبط الزوجان معًا في الرب، فيشرب كل منهما من جبّه، حيث يرى مياه الحب في قلب الطرف الآخر، حاسبًا إياها جُبُّه وبئرُه العميق وينبوعه.

يقدم الحكيم هنا نظرة سامية ومقدسة للحب الزيجي، في وقت كان فيه الحديث عن العلاقات الجسدية بين الزوجين يُعتبر أمرًا مخجلًا ومشينًا. هنا يعلن أن الزواج يقدسه الله، فيشعر كل من الزوجين بتقديره للآخر وتقديس المشاعر العاطفية، وحتى جسده وجسد الطرف الآخر. يحدث الرسول بطرس الأزواج، قائلًا: "معطين إياهن كرامة كالوارثات أيضًا معكم نعمة الحياة لكي لا تُعاق صلواتكم" (1بط7:3).

من يطلب العاطفة أو الحب الشهواني أو يُسلم جسده لآخر غير (زوجته أو زوجها) إنما يفيض بينبوعه إلى الخارج، ويُبدد مياهه في الشوارع، يفقد ما له حيث يُسلم مياه حبه لأجنبي.

يلاحظ أن كلمة "بئر" أو "جب" في العبرية بصيغة المفرد، كأن سليمان الحكيم الذي لظروف سياسية سقط في تعدد الزوجات يوضح هنا ارتباط الشخص بزوجة واحدة، التي يتطلع إليها كينبوعه الواحد، كما تتطلع هي إلى زوجها ينبوعها الواحد... الله خلق حواء وحدها لآدم، ويكون هو لها.

* يقول إشعياء "أيها العطاش هلمّوا إلى المياه" (إش1:55). ويحثنا سليمان: "اشرب مياهًا من آنيتك"...

أفلاطون الفيلسوف الذي تعلّم من العبرانيين يأمر الأزواج ألا يشربوا أو يأخذوا ماءً من آخرين، بل يحفروا أولًا في أرضهم (الارتباط بالزوجة وحدها) التي يُقال عنها أنها أرض بكر[145].

القديس اكليمنضس السكندري

* إن تطلعت في غير طهارة مشتهيًا زوجة قريبك، يكون نصيبك مع الزناة... دعْ ينبوعك لك واشرب ماء من بئرك. لتكن ينابيعك لك وحدك ولا تدع آخر يشرب معك. اطلب طهارة جسدك كما تطلب ذلك من الطرف الآخر. فإنك كما لا تريد زوجة صباك أن تتنجس مع رجلٍ آخر، لا تتنجس أنت مع امرأة أخرى زوجة رجل آخر[146].

مار أفرآم السرياني

* ليكن ينبوع مياهك (زوجتك) لك وحدك وليس لأجانب معك.. عندئذ لا تهتم بنهرٍ غريب (سيدة أخرى) ولا أن تبهج الآخريات أكثر من زوجتك. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). لئلا إن حُملت إلى موضع آخر، تمارس شريعة النجاسة مع الطرف الآخر أيضًا[147].

القديس غريغوريوس النزينزي

والينبوع الداخلي هو فيض الحب الإلهي الذي يفجره الروح القدس فينا.

* حسنة إذن هذه المياه، التي هي نعمة الروح.

من يهبني هذا الينبوع لصدري؟

لينبع في داخلي، ليفض ذاك الذي يهب حياة أبدية عليّ.

ليفض هذا الينبوع عليّ وليس خارجًا عني. إذ يقول الحكمة: "اشرب مياهًا من جُبكّ، ومياهًا جارية من بئرك، لا تفض ينابيعك إلى الشوارع".

كيف احتفظ بهذا الماء لكي لا يفيض وينحدر بعيدًا؟

كيف احتفظ بالإناء حتى لا يصيبه شق الخطية، فتتسلل منه مياه الحياة الأبدية؟

علمنا أيها الرب! علمنا كما علمت تلاميذك، قائلًا: "لا تكنزوا لكم كنوزًا على الأرض حيث يُفسد السوس والصدأ، وحيث ينقب السارقون ويسرقون" (مت19:6)[148].

القديس أمبروسيوس

إن كان الحكيم يتحدث هنا عن نقاوة المتزوجين، فإن حديثه أيضًا ينطبق على نقاوة التعليم. فالمعلم الذي يكرز بما يقوله الآخرون دون أن يختبره في حياته العملية، لا يشرب من مياه جُبّه، ولا يتمتع بمياه بئره. يليق بنا أن نشرب من ينابيع قلوبنا الداخلية حيث يفيض الروح القدس بمياهه فيها فنرتوي ونفيض على الغير.

* افتح رواق قلبك لكلمة الله الذي يقول لك: "افتح فاك وأنا أملأه!" [149]

القديس أمبروسيوس

* كل الذين لا يحبون الله غرباء وأضداد للمسيح. وبالرغم من حضورهم إلى الكنائس لا يُمكن إحصائهم بين أولاد الله، ولا ينتمي ينبوع الحياة إليهم.

إن يعتمد الإنسان هذا ممكن حتى بالنسبة للشرير، أن يتنبأ الإنسان هذا ممكن للشرير! [150]

القديس أغسطينوس

"لا تفض ينابيعك إلى الخارج،

سواقي مياه في الشوارع.

لتكن لك وحدك وليس لأجانب معك" [16-17].

ماذا يعني بالذي يفيض بمياهه إلى الخارج، ويلقي بمياه السواقي في الشوارع؟ إنه ذاك الغبي الذي لا يبالي بقيمة المياه في المناطق النائية، فيبددها برشها في الشوارع.

يرى البعض هنا صورة بعض الرجال في العصور القديمة الذين لم يقدسوا الحياة الأسرية، فلم يكتفي الرجل بزوجة واحدة ليهتم بها مع أبنائهما، بل كل ما كان يشغله إشباع شهواته مع أكثر من زوجة، وإرضائهن جميعهن بأن يكون لهن أطفال منه... حتى أنه أحيانًا لا يعرف أسماء أبنائه من كثرة عددهم، وبالتالي لا يقدم لهم روح الأبوة ويهتم بتربيتهم وخلاصهم[151].

ربما يقصد أن من يشرب من الينبوع الخارجي أي من غير زوجته (أو رجلها) إنما يدفع الطرف الآخر أن يسلم نفسه للزنا. بينما يشرب الرجل من ينبوع ليس له، يفقد ينبوعه (زوجته) التي تسلم عواطفها وربما جسدها لغيره. بهذا يخطئ في حق نفسه وفي حق شريكة حياته.

* عندما ينحرف أي شخص بطاقة أفكاره إلى الشر يكون قد بدد فيض المياه علي الغرباء.

مادمنا نروي طريق حياتنا الذي تنتشر فيه الأشواك بمياه الأفكار الشريرة تجف النباتات الصالحة وتنتهي، لأن جذورها لا تنتعش برطوبة الأفكار الصالحة[152].

القديس غريغوريوس أسقف نيصص

"ليكن ينبوعك مباركًا،

وافرح بامرأة شبابك" [18].

"الظبية المحبوبة والوعلة الزهية،

ليُروِك ثدياها في كل وقت،

وبمحبتها اسكر دائمًا" [19].

* كلمة الله حيّ، والنفس التي تستقبله حيَّة. هذا النوع من الماء يفيض من الله، إذ يقول الينبوع نفسه: "لأني خرجت من قِبَل الله" (يو42:8). لدي العروس فيض من الماء في داخل بئر نفسها، فتصير خزانة لهذا الماء الحيّ الذي يفيض من لبنان (نش15:4) [153].

القديس غريغوريوس أسقف نيصص

ليسلك الزوجان بروح البساطة مع الحب، فكما يشبع الرضيع من ثديي أمه، هكذا يشبع الزوجان من حبهما المشترك.

تشبيه الزوجة بالظبية المحبوبة والوعلة المبتهجة إنما يُشير إلى نقاوة الحب وسرعة التجاوب بينهما. فالظبية ترمز إلى طهارة الجسد، والوعلة المبتهجة إلى سرعة الحركة.

استخدم سليمان الحكيم كلمات مشابهة في سفر نشيد الأناشيد (9:2، 17؛5:4؛3:7).

"فلم تُفتن يا ابني بأجنبية وتحتضن غريبة" [20].

الفعل هنا في الأصل يعني أن يجول الإنسان أو يضل حتى يصير أسيرًا. هكذا من يسقط في حبائل زانية (أجنبية) أو زوجة رجل آخر. يظن أنها تتعلق به وتحبه، ولا يدري أنها تأسره في حبال الخطية المحطمة للحرية.

"لأن طرق الإنسان أمام عيني الرب وهو يزن كل سبله.

الشرير تأخذه آثامه،

وبحبال خطيته يُمسك.

إنه يموت من عدم الأدب،

وبفرط حمقه يتهور" [21-23].

يسألنا النقاوة الداخلية والخارجية، فلا نُفتن بأجنبية خلال نظراتنا الخفية أو الفكر، ولا نحتضن غريبة بسلوكٍ عملي. فإن الله ينظر إلى الإنسان ويعرف أسراره الخفية وتصرفاته الظاهرة. وكما يقول الرسول: "ليس خليقة غير ظاهرة قدامه، بل كل شيء عريان ومكشوف لعيني ذلك الذي معه أمرنا" (عب13:4).

من يسقط في الخطية إنما يربط نفسه بحبالها، ويشرب من كأسها، ويأكل ثمارها المهلكة. فالخطية تحمل في داخلها أجرتها، حيث تستعبده وتذله وتهلكه.

* إنك لا تؤذي أحدًا، إنما كل إنسان يُربط بحبال خطيته. (راجع مز15:7-16، 6:57) [154].

القديس أغسطينوس

* "ليسقطوا في الفخ (الذي نصبوه)... مجازاة خطيرة، ليس عدل أكثر من هذا! لقد أخفوا فخًا لكي لا أعرفه، ليمسك الفخ بهم الذي لا يعرفونه... الشرير يُربط بحبال خطيته، لذلك يُخدع الأشرار بما يريدون أن يخدعوا به الغير. حينئذ يحل بهم الضرر عندما يودون ضرر الغير. لذلك قيل: "لتمسك بهم الشبكة التي أخفوها، وليسقطوا في فخهم".

إنه كمن يعد كأس سم لآخر، وينسى أنه سيشرب هو منه، أو من يحفر حفرة لكي يُسقط عدوه فيها وسط الظلام ناسيًا أنه سيسير هو أولًا في الطريق الذي حفر فيه ويسقط...[155]

القديس أغسطينوس

* الملذات ذاتها التي نتمتع بها تصير عذابًا لنا، والمباهج والمسرات التي للجسد تتحول إلى معذبين لمن أصدرهم[156].

القديس يوحنا كاسيان

يختم حديثه هنا بنهاية "الأحمق" المتهور الذي لا يضبط نفسه. ويلاحظ أن كلمة "ضبط النفس" وردت 42 مرة في هذا السفر، وكلمة "جاهل" تكررت 40 مرة، فمن لا يضبطون أنفسهم يعيشون بروح الحماقة والجهل، ومن يسلكون بحماقة يفقدون ضبطهم لأنفسهم.

خلاصة هذا الأصحاح أن من ينحني بنفسه أمام الشهوات الجسدية يفقد ضبطه لنفسه، فيعيش في غباوة.

التعليم الإلهي الخاص بالعلاقات الجسدية

يؤكد هذا الأصحاح أن كل علاقة يسقط فيها الشاب قبل زواجه لها أثرها على بيته في المستقبل، فالطهارة تحفظ الإنسان في بيته ليشرب من ينبوعه الصالح. العلاقات الخاطئة تحطم سلام الشاب الداخلي وتفقده قدسية النظرة إلى الحياة الزوجية، خاصة في العلاقات الجسدية، فيشرب مرارة ويفقد عذوبة الحياة الأسرية.
  رد مع اقتباس