الموضوع: تكريس القلب
عرض مشاركة واحدة
قديم 31 - 05 - 2018, 01:58 PM   رقم المشاركة : ( 4 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,352,592

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: تكريس القلب

تابع ثالثاً: يا ابني اعطيني قلبك – تكريس القلب
(أ) التكريس والبنوة – الفرق بين أولاد الله (الأبرار) وأولاد العالم (الأشرار)
لذلك (أي بناء على ما فات من الشرح السابق) فأن قبول التكريس يتوقف على نوعية جودة التقدمة نفسها، أي المُقدَّمة بناء على الطاعة والمحبة، أي طاعة الإيمان العامل بالمحبة، وعلينا أن نلاحظ أن التكريس لا يأتي على هذا المستوى، كتقدمة القلب لله، إلا بعد أن يصير الإنسان ابناً: [يا ابني اعطيني قلبك]، فالعطاء هنا لا يأتي أبداً من الغرباء عن الله [انكم كنتم في ذلك الوقت بدون مسيح أجنبيين عن رعوية إسرائيل وغرباء عن عهود الموعد لا رجاء لكم وبلا إله في العالم (أفسس 2: 12)]، لذلك لا تكريس قبل البنوة بل يأتي دائماً بعدها [فلستم إذاً بعد غرباء ونُزلاً، بل رعية مع القديسين وأهل بيت الله (أفسس 2: 19)]، لكي يكون عطاءً مقبولاً (بسبب المحبة، محبة الابن لأبيه) ليحل الله ويسكن بنور مجده الخاص، فيصير القلب مقدساً بالصدق والحق، لأن الله لن يقول لأحد أعطيني قلبك قبل أن يدخل في سرّ حياة البنوة بالحب [إن أحبني أحد يحفظ كلامي ويحبه أبي وإليه نأتي وعنده نصنع منزلاً (يوحنا 14: 23]، لأن التكريس يخص البنين المُحبين، أي أبناء الله بالإيمان بالمسيح: وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَاناً أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللَّهِ أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ (يوحنا 1: 12)
وطبعاً الذين قبلوه هنا هم الذين سمعوا منه
نداء خاص اسمه الكرازة بملكوت الله: [قد كمل الزمان واقترب ملكوت الله فتوبوا وآمنوا بالإنجيل] (مرقس 1: 15)، أي أن كل من قبلوه هم الذين تابوا فآمنوا وطاعوا الإنجيل وأحبوا المسيح، لأن التوبة الحقيقية تعني الإيمان بشخص المسيح الإله الكلمة المتجسد، والإيمان يُترجم – طبيعياً – لحفظ الوصية [إن كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي؛ الذي عنده وصاياي ويحفظها فهو الذي يُحبني، والذي يحبني يحبه أبي وأنا أُحبه وأُظهر له ذاتي (يوحنا 14: 15، 21]، فبداية الطريق الصحيح لتقدمة القلب لله لكي يُقبل هو "التوبة والإيمان" معاً القائمان على وعد الحياة الأبدية [وهذا هو الوعد الذي وعدنا هو به الحياة الأبدية (1يوحنا 2: 25)]
فبدون توبة يستحيل الإيمان بإنجيل الخلاص،
والإيمان هنا هو الإيمان الحي العامل بالمحبة المسنود بالوعد، وعد الحياة الأبدية، والذي بدونه لن نحيا كأبناء لله في المسيح، ومن المستحيل في المطلق أن نُقدِّم بالتالي القلب لله ليكون مكرساً ومخصصاً لهُ حسب قصده، لأن الله لا يُساكن النجس المدنس والملوث بالخطايا والميت بالذنوب الماكث في الموت لأنه يحب الظلمة أكثر من النور، أي لا يُساكن الشرير الذي يحيا بشره ولا يُريد أن يترك طريقه [الذي وحده له عدم الموت ساكناً في نور لا يُدنى منه، الذي لم يره أحد من الناس ولا يقدر أن يراه؛ لأَنَّكَ أَنْتَ لَسْتَ إِلَهاً يُسَرُّ بِالشَّرِّ لاَ يُسَاكِنُكَ الشِّرِّيرُ (1تيموثاوس 6: 16؛ مزمور 5: 4)]، لأن طبيعة الشرير مظلمة والله يسكن في النور لا في الظلمة، لأن الظلمة لن تحتمله على الإطلاق بل تهرب منه وتتبدد، لأن الظلمة لا تحب النور، بل تبغضه وتهرب منه بكل الطرق، وأحياناً بشكل التقوى كنوع من أنواع حماية الذات لأن محبة الخطية ساكنة في القلب وبالتالي الموت (شوكتها) هو المُسيطر على ملكات النفس ومدمر كل قواها الروحية.
[وَأَمَّا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ الْكَائِنَةُ الآنَ فَهِيَ مَخْزُونَةٌ بِتِلْكَ الْكَلِمَةِ عَيْنِهَا، مَحْفُوظَةً لِلنَّارِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَهَلاَكِ النَّاسِ الْفُجَّارِ؛ وهذه هي الدينونة أن النور قد جاء إلى العالم وأحب الناس الظلمة أكثر من النور لأن أعمالهم كانت شريرة؛ إن قلنا أن لنا شركة معه وسلكنا في الظلمة نكذب ولسنا نعمل الحق (2بطرس 3: 7؛ يوحنا 3: 19؛ 1يوحنا 1: 6)]
ولذلك فلا بد من التطهير أولاً وقبل أي تقدمة،
وهذا هو عمل المسيح الرب الخلاصي، فكل من أتى إليه أتى ليطهر قلبه بالغسل، لأن كل من تقابل معه من العشارين والخطاة نالوا منه طهراً وبراً، فجميعهم خرجوا من محضره مبررين وبعدها تبعوه بسبب علاقة المحبة التي نشأت فيهم، لذلك نجد دائماً أن كل من نادى باسمه أو بشر به أو حتى تبعه ولازم خطواته، كانوا خطاة بائسين ليس فيهم نفع ولا عندهم قدرات روحية، لكن تتطهروا بلقائه، لأنه ببراعة الطبيب الراعي الصالح شفاهم من الداء الداخلي وطيب قلبهم الموجوع، فصاروا تائبين فرحين مُحبين لهُ.
+ طوبى للذي غُفر إثمه وسُترت خطيته؛ طوبى لرجل لا يحسب له الرب خطية ولا في روحه غش؛ [هَلُمَّ نَتَحَاجَجْ يَقُولُ الرَّبُّ. إِنْ كَانَتْ خَطَايَاكُمْ كَالْقِرْمِزِ تَبْيَضُّ كَالثَّلْجِ. إِنْ كَانَتْ حَمْرَاءَ كَالدُّودِيِّ تَصِيرُ كَالصُّوفِ (إشعياء 1: 18)] (وبناء على هذا الكلام الإلهي) يأتي الاعتراف الصالح والنافع لشفاء النفس: اعترف لك بخطيتي ولا أكتم إثمي، قلت اعترف للرب بذنبي [اغْسِلْنِي كَثِيراً مِنْ إِثْمِي وَمِنْ خَطِيَّتِي طَهِّرْنِي؛ طَهِّرْنِي بِالزُوّفَا فَأَطْهُرَ، اغْسِلْنِي فَأَبْيَضَّ أَكْثَرَ مِنَ الثَّلْجِ (مزمور 51: 2؛ 7)] وأنت رفعت آثام خطيتي؛ افرحوا بالرب وابتهجوا يا أيها الصديقون واهتفوا يا جميع المستقيمي القلوب (مزمور 32: 1، 2، 5، 11)
لذلك لو دققنا في العهد القديم سنجد أن
كل شيء يُقدم لله لا بد من أن يكون بترتيب عظيم وبحرص شديد وبطهارة كدليل على القلب الصالح التقي، لأن أي تقصير في التقدمة أو استهتار هو علامة أكيدة لترك الرب وعدم محبته: ويوقدون للرب محرقات كل صباح ومساء وبخور أطياب وخبز الوجوه على المائدة الطاهرة ومنارة الذهب وسرجها للإيقاد كل مساء لأننا نحن حارسون حراسة الرب إلهنا وأما أنتم فقد تركتموه (2أخبار 13: 11)
لذلك فأن التوبة عامل أساسي وضروري لكي نصل للبنوة الحقيقية التي بعد الدخول فيها بالإيمان يتم بالمحبة تكريس القلب الذي يلازمه: [تلاحظ عيناك طُرقي].
فمن المستحيل – من ناحية الخبرة – أن يُطالب الرب
بالقلب (من جهة التكريس) قبل الدخول في سرّ التبني، لأن الابن هو الذي يُعطي قلبه لأبيه بالحب، لأنه الوحيد المؤتمن على نفسه من أجل المحبة المتدفقة منه إليه، وبكون الله الآب قد دعانا بالمجد والفضيلة – بمحبته – لكي نكون شركاء الطبيعة الإلهية هاربين من الفساد الذي في العالم، إذ قد أرسل ابنه الوحيد لكي يتبنانا فيه، لنكون قديسين مخصصين لسكناه الخاص:
+ هكذا نحن أيضاً لما كنا قاصرين (تحت الناموس المؤدب والمربي) كنا مستعبدين تحت أركان العالم. ولكن لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه (حسب التدبير) مولوداً من امرأة، مولودا تحت الناموس ليفتدي الذين تحت الناموس [الذي قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه لإظهار بره من أجل الصفح عن الخطايا السالفة بإمهال الله (رومية 3: 25)] لننال التبني. ثم بما إنكم أبناء أرسل الله روح ابنه إلى قلوبكم صارخاً يا أبا الآب. إذاً لست بعد عبداً بل ابناً، وأن كنت ابناً فوارث لله بالمسيح.
+ مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بَارَكَنَا بِكُلِّ بَرَكَةٍ رُوحِيَّةٍ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ، كَمَا اخْتَارَنَا فِيهِ قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، لِنَكُونَ قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ قُدَّامَهُ فِي الْمَحَبَّةِ، إِذْ سَبَقَ فَعَيَّنَنَا لِلتَّبَنِّي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ لِنَفْسِهِ، حَسَبَ مَسَرَّةِ مَشِيئَتِهِ، لِمَدْحِ مَجْدِ نِعْمَتِهِ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْنَا فِي الْمَحْبُوبِ، الَّذِي فِيهِ لَنَا الْفِدَاءُ، بِدَمِهِ غُفْرَانُ الْخَطَايَا، حَسَبَ غِنَى نِعْمَتِهِ، الَّتِي أَجْزَلَهَا لَنَا بِكُلِّ حِكْمَةٍ وَفِطْنَةٍ، إِذْ عَرَّفَنَا بِسِرِّ مَشِيئَتِهِ، حَسَبَ مَسَرَّتِهِ الَّتِي قَصَدَهَا فِي نَفْسِهِ، لِتَدْبِيرِ مِلْءِ الأَزْمِنَةِ، لِيَجْمَعَ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ، مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى الأَرْضِ، فِي ذَاكَ، الَّذِي فِيهِ أَيْضاً نِلْنَا نَصِيباً، مُعَيَّنِينَ سَابِقاً حَسَبَ قَصْدِ الَّذِي يَعْمَلُ كُلَّ شَيْءٍ حَسَبَ رَأْيِ مَشِيئَتِهِ، لِنَكُونَ لِمَدْحِ مَجْدِهِ، نَحْنُ الَّذِينَ قَدْ سَبَقَ رَجَاؤُنَا فِي الْمَسِيحِ. الَّذِي فِيهِ أَيْضاً أَنْتُمْ، إِذْ سَمِعْتُمْ كَلِمَةَ الْحَقِّ، إِنْجِيلَ خَلاَصِكُمُ، الَّذِي فِيهِ أَيْضاً إِذْ آمَنْتُمْ خُتِمْتُمْ بِرُوحِ الْمَوْعِدِ الْقُدُّوسِ، الَّذِي هُوَ عَرْبُونُ مِيرَاثِنَا، لِفِدَاءِ الْمُقْتَنَى، لِمَدْحِ مَجْدِهِ. (غلاطية 4: 3 – 7؛ أفسس 1: 4 – 14)
إذاً التكريس من المستحيل أن يكون للغرباء عن الله
المستعبدين تحت سلطان الخطية ويحيون حسب الجسد أو حسب الإنسان العتيق (حسب تعبير الإنجيل)، لأن القلب ملوث غير طاهر لا يتقبل السكنى الإلهية فيه، لأنه محكوماً عليه – وهو على هذا الحال – بالموت لأنه كله ظُلمة، لذلك يحتاج أولاً لتطهير خاص ليؤهل للسكنى الإلهية فيه.
+ إِذاً لاَ شَيْءَ مِنَ الدَّيْنُونَةِ الآنَ عَلَى الَّذِينَ هُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ (السَّالِكِينَ لَيْسَ حَسَبَ الْجَسَدِ بَلْ حَسَبَ الرُّوحِ). لأَنَّ نَامُوسَ رُوحِ الْحَيَاةِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ قَدْ أَعْتَقَنِي مِنْ نَامُوسِ الْخَطِيَّةِ وَالْمَوْتِ. لأَنَّهُ مَا كَانَ النَّامُوسُ عَاجِزاً عَنْهُ فِي مَا كَانَ ضَعِيفاً بِالْجَسَدِ فَاللَّهُ إِذْ أَرْسَلَ ابْنَهُ فِي شِبْهِ جَسَدِ الْخَطِيَّةِ وَلأَجْلِ الْخَطِيَّةِ دَانَ الْخَطِيَّةَ فِي الْجَسَدِ. لِكَيْ يَتِمَّ حُكْمُ النَّامُوسِ فِينَا نَحْنُ السَّالِكِينَ لَيْسَ حَسَبَ الْجَسَدِ بَلْ حَسَبَ الرُّوحِ. فَإِنَّ الَّذِينَ هُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ فَبِمَا لِلْجَسَدِ يَهْتَمُّونَ وَلَكِنَّ الَّذِينَ حَسَبَ الرُّوحِ فَبِمَا لِلرُّوحِ. لأَنَّ اهْتِمَامَ الْجَسَدِ هُوَ مَوْتٌ وَلَكِنَّ اهْتِمَامَ الرُّوحِ هُوَ حَيَاةٌ وَسَلاَمٌ. لأَنَّ اهْتِمَامَ الْجَسَدِ هُوَ عَدَاوَةٌ لِلَّهِ إِذْ لَيْسَ هُوَ خَاضِعاً لِنَامُوسِ اللهِ لأَنَّهُ أَيْضاً لاَ يَسْتَطِيعُ. فَالَّذِينَ هُمْ فِي الْجَسَدِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يُرْضُوا اللهَ. وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَسْتُمْ فِي الْجَسَدِ بَلْ فِي الرُّوحِ إِنْ كَانَ رُوحُ اللهِ سَاكِناً فِيكُمْ. وَلَكِنْ إِنْ كَانَ أَحَدٌ لَيْسَ لَهُ رُوحُ الْمَسِيحِ فَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ. وَإِنْ كَانَ الْمَسِيحُ فِيكُمْ فَالْجَسَدُ مَيِّتٌ بِسَبَبِ الْخَطِيَّةِ وَأَمَّا الرُّوحُ فَحَيَاةٌ بِسَبَبِ الْبِرِّ. وَإِنْ كَانَ رُوحُ الَّذِي أَقَامَ يَسُوعَ مِنَ الأَمْوَاتِ سَاكِناً فِيكُمْ فَالَّذِي أَقَامَ الْمَسِيحَ مِنَ الأَمْوَاتِ سَيُحْيِي أَجْسَادَكُمُ الْمَائِتَةَ أَيْضاً بِرُوحِهِ السَّاكِنِ فِيكُمْ. فَإِذاً أَيُّهَا الإِخْوَةُ نَحْنُ مَدْيُونُونَ لَيْسَ لِلْجَسَدِ لِنَعِيشَ حَسَبَ الْجَسَدِ. لأَنَّهُ إِنْ عِشْتُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ فَسَتَمُوتُونَ وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُمْ بِالرُّوحِ تُمِيتُونَ أَعْمَالَ الْجَسَدِ فَسَتَحْيَوْنَ. لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَنْقَادُونَ بِرُوحِ اللهِ فَأُولَئِكَ هُمْ أَبْنَاءُ اللهِ. إِذْ لَمْ تَأْخُذُوا رُوحَ الْعُبُودِيَّةِ أَيْضاً لِلْخَوْفِ بَلْ أَخَذْتُمْ رُوحَ التَّبَنِّي الَّذِي بِهِ نَصْرُخُ: «يَا أَبَا الآبُ». اَلرُّوحُ نَفْسُهُ أَيْضاً يَشْهَدُ لأَرْوَاحِنَا أَنَّنَا أَوْلاَدُ اللهِ. فَإِنْ كُنَّا أَوْلاَداً فَإِنَّنَا وَرَثَةٌ أَيْضاً وَرَثَةُ اللهِ وَوَارِثُونَ مَعَ الْمَسِيحِ. إِنْ كُنَّا نَتَأَلَّمُ مَعَهُ لِكَيْ نَتَمَجَّدَ أَيْضاً مَعَهُ. (رومية 8: 1 – 17)
يقول القديس مقاريوس الكبير
مميزاً الفرق بين أولاد الله وأولاد العالم: [كلمة الله هي الله، وكلمة العالم هي العالم. ويوجد فرق عظيم وبون شاسع بين كلمة الله وكلمة العالم، وبين أولاد الله وأولاد العالم. فإن كل مولود يُشبه والديه. لذلك فإن كان المولود من الروح يختار أن يُعطي نفسه لكلمة العالم وللأمور الأرضية ولمجد هذا العالم الحاضر، فإنه يموت ويهلك، إذ أنه لا يجد ما يُشبعهُ شبعاً حقيقياً في الحياة. لأن ما يُشبعهُ إنما هو من الروح الذي منه ولد. كما يقول الرب إن من تحاصره هموم هذه الحياة وتربطه الرباطات الأرضية، يختنق وصير بلا ثمر (مرقس 4: 19)
وبنفس الطريقة فإن الإنسان العالمي الذي تمتلكه الرغبات الجسدية، إذا حدث أنهُ سمع كلمة الله فإنه يختنق ويصير كمن لا عقل لهُ. وذلك لأنه اعتاد على خداعات الخطية. فحينما يحدث أن يسمع مثل هذا الإنسان عن الله فإنه يحس بثقل شديد وينفر من كلام الله كأنه حديث سخيف مُتعب. وكأنه قد أُصيب بمرض نتيجة هذا الكلام الإلهي. ويقول الرسول بولس "الإنسان الطبيعي لا يقبل الأشياء التي للروح لأنها عنده جهالة" (1كورنثوس 2: 14) ويقول النبي "وكان قول الرب لهم كالقيء (الإشارة إلى إشعياء 28: 13 بحسب إحدى المخطوطات القديمة المعروفة بنسخة ثيوديتون)، وهكذا ترى أنهُ من المستحيل أن يحيا أي إنسان إلا بحسب الكلمة التي ولد منها] (عظة 46: 1، 2)
ولذلك مكتوب عن الفرق بين الأشرار والأبرار:
طُوبَى لِلرَّجُلِ الَّذِي لَمْ يَسْلُكْ فِي مَشُورَةِ الأَشْرَارِ، وَفِي طَرِيقِ الْخُطَاةِ لَمْ يَقِفْ، وَفِي مَجْلِسِ الْمُسْتَهْزِئِينَ لَمْ يَجْلِسْ. لَكِنْ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ مَسَرَّتُهُ، وَفِي نَامُوسِهِ يَلْهَجُ نَهَاراً وَلَيْلاً. فَيَكُونُ كَشَجَرَةٍ مَغْرُوسَةٍ عِنْدَ مَجَارِيِ الْمِيَاهِ الَّتِي تُعْطِي ثَمَرَهَا فِي أَوَانِهِ وَوَرَقُهَا لاَ يَذْبُلُ. وَكُلُّ مَا يَصْنَعُهُ يَنْجَحُ. لَيْسَ كَذَلِكَ الأَشْرَارُ لَكِنَّهُمْ كَالْعُصَافَةِ الَّتِي تُذَرِّيهَا الرِّيحُ. لِذَلِكَ لاَ تَقُومُ الأَشْرَارُ فِي الدِّينِ وَلاَ الْخُطَاةُ فِي جَمَاعَةِ الأَبْرَارِ. لأَنَّ الرَّبَّ يَعْلَمُ طَرِيقَ الأَبْرَارِ أَمَّا طَرِيقُ الأَشْرَارِ فَتَهْلِكُ (مزمور 1: 1 – 6)
وعلينا أن نعي باختصار القول
إن تكريس القلب يأتي من حالة المحبة البنوية للآب السماوي في المسيح، لأن من يُعطي أي شيء لله لا بد من أن يكون مصدره المحبة وحدها، وهي ملازمة للطبيعة الجديدة التي نلناها في المسيح بصفتنا صرنا فيه خليقة جديدة: إِذاً إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ. الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ. هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيداً (2كورنثوس 5: 17)
+ اِجْعَلْنِي كَخَاتِمٍ عَلَى قَلْبِكَ كَخَاتِمٍ عَلَى سَاعِدِكَ. لأَنَّ الْمَحَبَّةَ قَوِيَّةٌ كَالْمَوْتِ. الْغَيْرَةُ قَاسِيَةٌ كَالْهَاوِيَةِ. لَهِيبُهَا لَهِيبُ نَارِ لَظَى الرَّبِّ. مِيَاهٌ كَثِيرَةٌ لاَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُطْفِئَ الْمَحَبَّةَ وَالسُّيُولُ لاَ تَغْمُرُهَا. إِنْ أَعْطَى الإِنْسَانُ كُلَّ ثَرْوَةِ بَيْتِهِ بَدَلَ الْمَحَبَّةِ تُحْتَقَرُ احْتِقَاراً. (نشيد 8: 6 – 7)
  رد مع اقتباس