[walaa farouk]

أنا أنثى لم يخبرها أحد عن الأنوثة
نعم، أنا أنثى لم يُخبرها أحد عن الأنوثة شئ،لم تخبرها أمها عن أى تغير سيحدث لها فى مرحلة المراهقة. لم تعلم مُسبقاً عن جسدها الذى سيتغير ملامحه لتصبح أنثى. فقط شاهدت تلك الملامح وهى تنبت أمام عينيها يوماً بعد يوم! لم تقل لها أن رحمها سينفجر منه الحياة فى وقت من الأوقات، لكنها فؤجئت بآثار تلك الحياة على ملابسها! أنا أنثى لم تُدرك أهى لعنة أم نعمة أن تكون أنثى!
أنا أنثى تربت على أن الجسد عورة، وملامح الأنوثة فتنة، فظلت سنوات دراستها تحتضن الكتب لتُخفى تلك عالم. وبعدها اخفتها فى الملابس الفضفاضه التى لا توضح ملامح هذا الجسد أهو لأنثى أم لرجل.
أنا أنثى حينما تكون فى عادتها الشهرية تذهب لشراء مستلزماتها ملفوفه فى جرائد ثم كيس اسود، فتعلمت أن طمس المعالم هو سمة كل الأشياء!
أنا أنثى تعلمت عن الأنوثة بملاحظة احاديث وحكايات اقران الدراسة، فتفاوتت تلك المعرفة بين نقيضين! ما بين ميوعة البعض، وجمود البعض الآخر.
أنا أنثى لم تدرى كيف جاءت إلى تلك الحياة، وظلت فترة تشاهد أفلام الأبيض واسود حينما يُقبل البطل البطلة وتظلم الشاشة فتصبح البطلة حامل فى اليوم التالى. هكذا ظننت كيف يأتى الأطفال، هم يأتون من تبادل القُبل!
أنا أنثى تعلمت أن الأنوثة فى الاستكانه، وخفض الصوت، وعدم الدخول فى حورارات، وعدم إبداء الرأى فى أى شئ. فهذا الرأى فى البداية والنهاية غير مهم بالمرة، ولن يفيد فى شئ على الإطلاق!
أنا أنثى شبت على أن أى محاولة للتجميل هى محاولة معيبة للفت الأنظار، فتهذيب الحاجب عيب ولا يليق، وإزالة شعر الجسم ليس بضرورى، فلتبقى على طبيعتك!
أنا أنثى حينما قيل لها من شخص "أنا معجب بكِ" أرادت أن تنشق الأرض وتبتلعها، أو أن تأتى رياح قوية وتُطيح بها بعيداً عن تلك المواجهة التى لا تعلم لها رد. لا .. بل تعلم، فحديثها الداخلى يقول: "أنا قبيحة كيف يُعجب بى هذا الشخص!"، "أنا غير مرئية بالمرة .. كيف رآنى هذا الشخص!"
أنا أنثى قيل لها معايير قياسية للجمال هى لا تتمتع بها، كطول القامه ولون البشرة، وملامح شكل الوجه، واستقامة الظهر، حتى حجم الثدى! أنا تلك الأنثى التى ظلت سنوات لا تنظر إلى جسدها، ولا تُطيل الوقوف امام المرآه. و بما أنى لا أملك تلك الصفات،فاعتقدت أنه من الأفضل لو كنت رجلاً.
أنا تلك الأنثى التى ظلت تبحث عن المعنى الحقيقى للأنوثة، وهل هو بهذا القُبح أو بتلك المعايير، أو هو لعنة يجب التعايش معها طيلة العمر!
أنا أنثى لم يخبرها أحد عن الأنوثة، ولكنها أخبرت ومازالت تُخبر نفسها.