عظات أسبوع الآلام
عظة باكر الاثنين من البصخة المقدسة
يا إخوة، إن كنا نريد الآن أن نفلت من عقاب الله ونجد رحمةً أمامه، فلنجلس مساء كل يوم منفردين وحدنا عند كمال النهار، ونفتش ذواتنا عما قدمناه للملاك الذي يخدمنا (أي الملازم لنا) لكي يُصعده إلى الرب. وأيضًا إذا انقضى الليل وطلع النهار، فلنفتش ذواتنا ونعلم ما الذي قدمناه للملاك الموكّل بنا ليُصعده إلى الله، ولا نشكّ البتّة، لأن كل إنسان ذكرًا كان أو أنثى صغيرًا أو كبيرًا اعتمد باسم الآب والابن والروح القدس جعل الله له ملاكًا موكلاً به إلى يوم وفاته، لكي يُصعد إليه كل يوم أعمال الإنسان الموكل به الليلية والنهارية، ليس لأن الله غير عارف بأعمالنا، حاشا، بل إنه أعلم بها بالأكثر، كما هو مكتوب أن عيني الرب ناظرةً كل حين في كل مكان على صانعي الشر وفاعلي الخير. إنما الملائكة هم خدّام قد أقامهم خالق الكل لأجل المزمعين أو يرثوا الخلاص. (فلنختم موعظة أبينا القديس أنبا شنودة الذي أنار عقولنا وعيون قلوبنا باسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد، آميـن)
عظة الساعة التاسعة من يوم الاثنين من البصخة المقدسة
والآن أيها الإخوة، لنمتحن أفكارنا وأعمالنا، ولنتأمل ماذا نفعل قبل أن يبطل كل التعليم وكل عمل صالح ولا ننتفع شيئًا ... في المكان الذي سنذهب إليه سواء كان عملنا قليلاً أو كثيرًا. لماذا، إذن، نرتكب كل هذه الآثام؟ وإن كنا قد ارتكبناها فلماذا لم نتُب ونظل غير مستأهلين لنعمة المسيح هذه التي خلّصت عددًا لا يُحصَى؟ أي عمل تراه ثقيلاً أو صعبًا مما أوصانا به السيد؟ ما هو العبء الذي ألقاه السيد الرب على الإنسان الأول آدم؟ ألم يقل له: من كل أشجار الجنة تأكل ما عدا هذه الشجرة وحدها التي في وسط الجنة فلا تأكل منها لأنك يوم تأكل منها موتًا تموت؟ ولما خالف آدم وحواء وأكلا حرما نفسيهما من بقية أشجار الجنة.
وما أحرى أن تكون الجنة وأشجارها مثل السنة التي نعيشها والصوم الأربعيني وما يجب نحو عيد القيامة الذي يُشبّه بالشجرة التي في وسط الجنة! فليجاهد كل إنسان قدر استطاعته، وحتى المرضى، حتى يباركنا السيد مع الذين جاهدوا وحتى نجد مكان الراحة في ملكوت السموات. أما الذين يخطئون في هذه الأيام المقدسة أو الذين يرتكبون التعديات فسيهلكون ... موتًا يموتون وسيشملهم الحزن والألم في جهنم. أما الذين يحتملون الجوع والعطش فطوبى لهم، لأنهم سيتمتعون بكل الأفراح والسعادة في ملكوت السموات.
وينبغي أن نعلم أيضًا أن بدء الصالحات هو أن يحفظ الإنسان جسده طاهرًا، وبعد أن نكون أطهارًا فلنتمم كل عمل صالح حسبما يرشدنا الروح القدس سواء كانت هذه الأعمال عظيمة أو صغيرة، وبذلك نكون مخلَّصين وننتفع بها ... لأنهم (الأطهار) سيباركون السيد بها في الدهر الآتي إلى الأبد حينما يقومون أجسادًا روحانيةً في يوم القيامة. (فلنختم عظة ...)
عظة الساعة الحادية عشرة من يوم اثنين البصخة
قد توجد أعمال نخالها صالحة ولكنها رديئة عند الله، وذلك أننا نرى من يُخطئ في المواضع المقدسة ونصبر عليه مما يجعله يتمادى في الشر. لأن الرب لم يغرس في الفردوس الأشجار الصالحة وغير الصالحة بل الأشجار الصالحة فقط. ولم يغرس فيه أشجارًا غير مثمرة أو رديئة الثمر. وليس هذا فحسب؛ بل إن الإنسان نفسه الذي وضعه فيه عندما خالف لم يُهمل أمره (أي لم يحتمله) بل أخرجه منه. فمن هذا اعلموا، أيها الإخوة الأحباء، أنه لا يجب أن تكون بيوت الله المقدسة مليئة بالناس الأشرار والصالحين كما في العالم المملوء من الخطاة والظالمين والقديسين والنجسين؛ بل إن الذين يعيشون في الخطية يجب أن يُطرَدوا منها. ويجب علينا أن نقول ذلك لكل من نراه يسلك بدون ترتيب في بيت الله.
أنا أعرف أن الأرض كلها للرب، فإذا كان بيته مثل باقي الأرض فما هي ميزته إذن على غيره؟ فإن كنتُ وأنا الكاهن أعمل الشر كما يعمله الأشرار على الأرض فلا يحق لي أن أُدعَى كاهنًا! لأننا مرارًا كثيرة نخطئ ولا نعرف كيف ندين أنفسنا بما نقول. لأنه لا يتجرّأ أحد أن يملأ بيتك قذارة إلاّ إذا رأى منك التهاون، ولا يتجرّأ حجّاب الملك أن يدخلوا بكل إنسان إلى بيته من حافظي مراسيمه والمخالفين لها إلاّ بأمره، ومتى فعلوا خلاف ذلك ألا يُعاقبون؟ (فلنختم عظة ...).
عظة باكر يوم الثلاثاء من البصخة المقدسة
إنني أخبركم بأمرين: أن كل الذين يفرحون بهم في السماء بسبب توبتهم على الأرض، سوف لا يرون حزنًا ولا ألمًا في ذلك المكان العتيد أن يرثوه. وأما الذين لا يفرحون بهم في السماء لعدم رجوعهم عن خطاياهم وتوبتهم عن آثامهم على الأرض، فلن يروا فرحًا ولا نياحًا في ذلك الموضع، لأن الذين يتنعمون ويفرحون على الأرض لن يروا فرحًا ولا نياحًا في السماء. أما سمعتم قوله تعالى: «طوبى للحزانى فإنهم يتعزون» (مت5: 4)؟ وكذلك أيضًا الذين لا يفرحون على الأرض يفرحون في السموات، أما سمعتم: «ويلٌ لكم أيها الضاحكون الآن لأنكم ستحزنون وتبكون» (لو6: 25)؟ أليس هذا هو الزمان الذي فيه يلبس الضعفاء قوةً، والذي ليس بقوي يقول أنا قوي عندما يعطي قلبه للقول المكتوب؟ وكقول النبي: «كثيرون هم الذين ضعفت أجسادهم من كثرة زناهم» (حسب النص)، ولكنهم سيضعفون أيضًا في قلوبهم كما يقول الكتاب عن مثل هؤلاء: «إنه يهلك بنجاسة نفسه» (انظر مي2: 10). أما المجاهدون بشجاعة فقد قيل عنهم: «اجتهد أن تُقيم نفسك لله مزكَّى عاملاً لا يُخزى مفصلاً كلمة الحق باستقامة» (2تي2: 15). (فلنختم عظة ...).
عظة الساعة التاسعة من يوم ثلاثاء البصخة
فلنصنع إرادة الله، يا إخوتي الأحباء، ما دام لنا وقت أن نعمل فيه لأجل الرب. تذكروا أن الموت لا يتأخر وأن مصيرنا أن نترك العالم. أين جميع الذين كانوا قبلنا؟ هوذا جميعهم الآن يرقدون في القبور. فلنصنع ثمارًا تليق بنعمة الله التي أعطانا إياها. وعلينا نحن وجميع المسيحيين أن نتشبّه بيسوع المسيح النور الحقيقي، ولكننا نحن بشر وهو السيد ونحن عبيده. هو الراعي ونحن غنم تحت يده. هو مولودٌ من الآب ولكننا نحن خليقته. هو نور من نور، وقد مات لأجلنا نحن الخطاة وسلّم ذاته من أجلنا على خشبة الصليب لكي يُنعم علينا بملكوته. فإذا كان السيد قد استهان بالخزي ومات من أجل عبيده أفلا يكون العبيد ملزمين أن يموتوا من أجل سيدهم، وذلك لكي كما مات هو يموتون هم معه، وكما هو حي فهم أيضًا يحيون؟! (فلنختم عظة ..).
عظة باكر أربعاء البصخة المقدسة
أقول هذا الكلام ولا أتركه: لا تظنوا أنه بعد عزل التبن من الحنطة يحصل الخطاة على راحة. وأقول لكم كشهادة الكتب إنه وإن كان الملائكة أو رؤساء الملائكة أو القديسين يصمتون جميعًا؛ فإن لكلمة الله الحكم الكامل القاطع في اليوم الذي يفرز فيه الأشرار من بين الصديقين، في الوقت الذي يُلقَى فيه الخطاة في أتون النار المتقدة. هل تُرى الله مثل البشر حتى يجعل له مشيرًا أو جليسًا يسأله؟ لأنه ما هو الذي ينساه الله حتى يُجيبه آخَر عنه أو يسأله عن كلمة إلاّ هذا القول فقط: أن يُقال من فم واحد: "أيها الديان الحق أحكامك عادلة، أنت المعطي كل واحد حسب أعماله، فهل نحن الذين نذكِّرك بهذه الأمور، أنت الذي من عندك كل الرأفات"؟ (فلنختم عظة ...)
.
عظة الساعة التاسعة من أربعاء البصخة
أمران أقولهما لكم: ... (أكمل من عظة باكر الثلاثاء). فإلى متى تتكاسل أيها الإنسان؟ أتوسل إليك أن تبكي على نفسك طالما تكون دموعك مقبولة، وبالأخص إذا كنتَ قد ارتكبتَ أعمالاً تستحق البكاء. فابك على نفسك وحدك مادام جميع القديسين يبكون معك لأجل خلاص نفسك. طوبى لمن امتلأ بكاءً على نفسه هنا، فإنه سينجو هناك من البكاء وصرير الأسنان الأبدي ويفرح فرحًا سماويًا. فلنتيقّظ، يا أحبائي، قبل أن يُقفَل دوننا خدر العرس وباب التوبة، ونتضرع أمام الباب فنسمع: إنني لستُ أعرفكم! كل ذلك وأردأ سنسمعه إذا تمادينا في خطايانا. (فلنختم عظة ...).
عظة الساعة التاسعة يوم خميس العهد
(النصف الأول من العظة هو نفسه الجزء الأول من عظة الساعة الحادية عشر يوم الاثنين) ... لهذا يجب علينا أن نخافه ونحفظ وصاياه. فإذا سقطنا في واحدة منها فلنبك وننتحب أمامه حتى إذا رأى تنهدنا واشتياق نفوسنا مثل المرأة التي بلّت قدميه بدموعها، نكون حقًا مستحقين صوته الحلو القائل: «مغفورةٌ لك خطاياك، إيمانك قد خلّصك، اذهبي بسلام» (لو7: 48و50). فقد رأيتم، يا إخوتي، أن الإيمان يؤدّي إلى الخلاص وأنها أظهرت اشتياقها إلى ذلك. إذن، فكل من ليس له اشتياق لحفظ وصايا الله وغيرة في الاقتداء بالحكماء بالروح، الذين شُهد لهم أنهم قد عرفوا الحق وقبلوا نصيحته وأعماله، والذين ليس لهم إيمان يسقطون في كل أمر رديء ويهلكون كما هو مكتوبٌ: «الرجل العاقل يقبل النصيحة ويعمل، والجاهل يسقط على وجهه» (حسب النص). (فلنختم عظة ...).
عظة لقان خميس العهد
فلنستح الآن، أيها الإخوة، من الذي تألم من أجلنا، ولنخف ممن اشتدّ بمنديل وصبّ ماءً في جرن وغسل أرجل تلاميذه بيديه الطاهرتين، حتى نصنع ثمارًا تستحق هذا الاتضاع العظيم الذي اتخذه من أجلنا لكي نتوب سريعًا عن خطايانا التي ارتكبناها، لأننا إن لم نتُب فسيُقال عنا في السماء إننا محبون للخطية. فماذا يكون رجاؤنا بعد أن نكون قد طُردنا من السماء وطُرحنا للحكم ورُفضنا بسبب خطايانا. إننا نُدان دينونةً مضاعفةً ليس لأننا أخطأنا بغير معرفة فحسب؛ بل لأن ما صنعناه بمعرفة كان أردأ مما صنعناه بغير معرفة، ولا لكوننا أخطأنا فحسب؛ بل لكوننا لم نتُب. لماذا لم تعرف الخراف صوت الراعي الحقيقي المحيي وتلتجئ إليه؟ ذاك الذي اشتراها بدمه وعالها وسلّم ذاته فداءً عنها، الذي أعطانا جسده لنأكله ودمه لنشربه، يسوع المسيح ربنا ومخلصنا الإله ابن الإله، الممجَّد والساكن في الأعالي إلى الأبد. (فلنختم عظة ...).
يتبع