عرض مشاركة واحدة
قديم 19 - 07 - 2012, 07:52 AM   رقم المشاركة : ( 8 )
sama smsma Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية sama smsma

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 8
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : قلب طفلة ترفض أن تكبر
المشاركـــــــات : 91,915

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

sama smsma غير متواجد حالياً

افتراضي رد: موضوع متكامل عن سيرة القديس الانبا شنودة رئيس المتوحدين ومعجزاتة وتعاليمة

عظات لأبينا القديس أنبا شنودة

عظة عن السلوك بحكمة في هذا الزمان

بسم الله. من قول للقديس العظيم أنبا شنودة بركاته تكون معنا، وبركات جميع القديسين تحل علينا وعلى هذا الشعب لنحيا وتخلص نفوسنا جميعًا، آمين.
1- ما أحسن اللحظات التي تنطلق فيها السفينة للسفر، وما أجمل اللحظات التي فيها ترسو على ميناء السلامة، أما الغرق فهو رديء!
2- ومعنى قولي هذا أنه ما أحسن الانطلاق إلى بيعة الله، وما أجمل الصوم، وما أجود الوقت الذي يمتنع فيه الرجل عن زوجته! كذلك صالحةٌ هي جميع الأمور اللازمة والضرورية، أي الاشتغال في الفلاحة (وغيرها)، كما أنه حسنٌ هو الأكل وحسنٌ هو الزواج، وحسنٌ هو جميع ما نحتاج إليه، أما الزنى فهو رديء. كذلك عدم الإمساك وخديعة المقتنيات (الزائدة عن الحاجة) وكل هذه الأمور.
هذا أقوله خاصةً للعلمانيين (الساكنين في العالم) الذين يمارسون الزيجة العفيفة، وليس للرهبان الذين حملوا صليبهم وتبعوا مخلِّصهم كوصية الإنجيل وأحبوا الطهارة كملائكة النور لكي يصيروا معهم أيضًا في ملكوت أبيهم.
3 - حسن أيضًا هو التسلُّق على الجبل العالي في أي وقت وفي كل يوم للحصول على الرزق وجمع الخيرات، وطيب جدًا هو الوصول إلى مداخله بعد كشف مسالكه ومنعطفاته حتى يدرك الإنسان مقاصده. ولكن ما أردأ السقطة من فوق مرتفعاته حيث يترضض الجسم كله!
4 – معنى ذلك أنه ما أحسن الالتجاء إلى الله في كل وقت متضرعين إليه أن يحفظنا من الشرير في كل مكان نوجد فيه في هذا الزمان، ويؤهلنا للراحة في الموضع الذي سنرحل إليه. ثم ما أحسن الكدّ في الأعمال الجسدانية والعناية بها من أجل القوت والكسوة ومحبة الغرباء، ومن أجل تقديم القرابين والصعائد التي نقدّمها لله عن أنفسنا. أما السقوط عن هذا السبيل والترضُّض بالخطيئة فهو رديء!
5 - ما أحسن الليل بعد أن نستريح فيه، والنهار أفضل لأنه إذا أشرقت شمسه تأوي جميع الوحوش وترقد في جحورها، ويخرج الإنسان إلى عمله وصناعته حتى المساء.


6 - أما تفسير هذا الكلام، فهو أنه لما أشرقت شمس البر - أي لما جاء المسيح إلى العالم - اجتمعت الشياطين ورقدت في كهوفها التي هي قلوب الجاحدين لله. أما خروج الإنسان إلى عمله وصناعته حتى المساء، فمعناه انطلاق الإنسان العابد في خدمة الله وانشغاله بالخير والصلاح حتى وقت شيخوخته وإلى أن يمضي إلى المسيح!
7 - والصناعات وأشغال الناس الجسدانية ليست واحدة، بل إنها كثيرة ومتعددة. هكذا أيضًا الأعمال الروحانية، فصناعتها والاشتغال بأمورها ليست واحدة بل متعددة وكثيرة. هكذا أيضًا في الروحيات، فالصناعة بها والاشتغال بأمورها ليست واحدة بل متعددة وكثيرة، فكثيرون اختاروا البتولية، وآخرون طهر المضجع (أي الزواج الحسن)، والبعض حملوا صليبهم وتبعوا الرب (أي الرهبنة)، وآخرون اختاروا الرحمة والتوزيع من كل غنى هذه الدنيا، والبعض تخصصوا للصلاة والزهد، وآخرون كرّسوا أنفسهم لكل عمل صالح.
8 - كما نجد أن كثيرين يعاتبون النائمين إن لم يقوموا في الوقت اللائق قائلين لهم: ”ها إن الشمس قد أشرقت وأنتم نيام“؟ فما يقولونه هو الصواب! أفلا ينبغي علينا نحن أيضًا بالأكثر أن نقول هكذا إن المسيح قد جاء إلى العالم ونحن لا نزال نخطئ ولم نتُب؟ ولا سيما بالأكثر أن هذا هو الزمان (الوحيد) الذي ينبغي أن ننتبه فيه من غفلة النوم.
9 - إن كنا في هذا الزمان نعمل الرذيلة، فما هو الزمان الذي نقتني فيه الفضيلة؟ أتُرى في الزمان الذي سيكون مخصصًا للنحيب والبكاء في أماكن الظلمة (التي نُطرَح فيها) لأجل نجاساتنا وعثراتنا التي جعلناها في رهبانيتنا بعدم تقوى وقلة خشية من جهة الكلام الذي يدينوننا به؟
10 - لقد قيل: «لا نجعل عثرةً واحدةً في شيء لئلاّ يُهين أحدٌ خدمتنا» (2كو6: 3)، وهوذا قد استهان بنا كثيرون واحتقروا خدمتنا وطقسنا وأسماءنا وأيضًا إسكيمنا وحسبوها كلا شيء، فصرنا ضُحكةً وهُزءًا عند أعداء المسيح.
11 - فإن كان اللوم والعقاب يكون على الذين يسكرون ويتغافلون بالليل؛ فماذا يكون مقدار الحكم الواجب على النيام بالنهار؟ ومعنى قولي هذا أنه إذا كان العصاة الذين عميت قلوبهم عن معرفة الله وشرائعه قد حُتم بالقضاء عليهم؛ فكم بالحري يكون القضاء والدينونة الواجبة على الذين يخطئون بعد أن عرفوا يقينًا أنه لا إله إلاّ الرب يسوع؟


12 - ويا ليت الغفلة والسُكر كانا يقتصران على الذين ينامون ويسكرون بالليل، فإن هذا يكون خيرًا عظيمًا لكل المسكونة، ولَصارت الأرض مثل الفردوس الذي غرسه الرب الإله الضابط الكل منذ تأسيس العالم؛ إلاّ أن الذين ينامون ويسكرون بالنهار كثيرون!
13 - لذلك تحل بنا البلايا مرّات كثيرة، وتدركنا الآلام والشدائد على ممر الزمان.
14 - ولكن لا زال يوجد بين الناس مَنْ يُجهد ذاته في عمل الصلاح، ومَنْ يقوم للصلاة والتسبيح لله في ظلمة الليل، كما يوجد أيضًا مَنْ يرتكب المعاصي في نور النهار كالزناة وأبناء الغضب.
15 - وها قد سبق أن عرّفناكم ما هو النوم وما هو النهار وما هو الليل.
16 - يوجد أناس جرائمهم وذنوبهم مشهورة في هذه الدنيا، هؤلاء تسبقهم أعمالهم السيئة إلى الحكم قبل مماتهم، ويوجد أناس تتبعهم ذنوبهم عند مماتهم حيث تدركهم المشقة بشدّة. فالذنوب التابعة هي التي تظن أنت أن أحدًا من الناس لا يعرف أنك فعلتها، ولكنها جميعًا تقف في وجهك يوم الدين إزاء حكم الله العظيم، وجميع أعمال المكر التي تمارسها على اختلاف أنواعها سوف تُعلَن وتُشهَر يوم يدين الله سرائر الناس ويكشف خفايا الظلمة.
17 - فالآن تُبْ أيها الإنسان الذي تعصى ربك. هل تظن أنه يعفو عنك؟ كلاّ لن يعفو عنك إذا لم تتُب.
18 - هذا حسب ما قاله النبي العتيق إذ يُنذرنا ونحن لا ندري. أما تأويل ذلك فهو أننا نرتكب ذنوبًا عديدة ونحن غافلون عنها وكأنها ليست ذنوبًا، مع أن مثل تلك الذنوب (التي ارتُكبت سرًّا) هي أعظم وزرًا. لأن الذنوب التي نرتكبها خُلسةً ترصدها عين الله الناظرة إليها، لأننا نتجاهلها ولا نحسبها ذنوبًا فنتوب عنها. مع أن ذنوبنا التي تُشهَر بين الناس، إذ يكون الناس قد تحققوا منها، نحسبها ذنوبًا ونخجل منها، أَفليس هذا هو سلوك المرائين الذين يدركهم الحزن إذا انفضحت أعمالهم بين الناس ولا يختشوا أو يخافوا من وجه يسوع؟! فليكن معلومًا على كل حال أن كل مَنْ كانت قلوبهم بالذنوب راضيةً، فهؤلاء ليس لهم إله إلاّ الناس (الذين يخافونهم)!
19 - فماذا نظن إن كنا لا نتوب عن المعاصي والذنوب؟ مَنْ نرتجي؟ أو مَنْ ننتظر؟ أو مَنْ سيتنبّأ لنا (من جديد)، أو مَنْ ذا الذي سينذرنا أو يسلِّم ذاته عنا ويموت لأجلنا؟
20 - أننتظر نبيًا آخر أو رسولاً؟ أو أن ابن الله يأتي حتى يعلِّم الناس أو يسفك دمه عنهم؟
21 - لقد قُضيَ حتمًا أن جميع القديسين سيأتون بصحبة يسوع ملكهم، ولكن لكي يستقصوا عن تعاذيبهم وآلامهم ودمائهم وعن كل ما صُنع بهم ويسألوننا عن ثمارها فينا من أعمال، فلا يوجد لدينا إلاّ ما نستحق عليه المقت والإهانة. 22 - كذلك حينما تحدّث النبي عن التي ولدت الأولاد الكثيرين كيف صارت بغير بنين وغابت عنها الشمس في منتصف النهار، فنحن لا نجد منفعةً لنا من ذلك إذا فسرناه على مجمع اليهود وحدهم من حيث أن الله كان حالاً بينهم وشرائعه كانت بأيديهم ثم كفروا بها. لأنهم إن لم يكن لهم الابن الرب يسوع، فليس لهم الله الآب. وكانوا يتقلبون لأسباب كثيرة ولم يريدوا أن ينقادوا لطاعة الآب الضابط الكل لكي يعمل معهم خيرًا.
23 - لكن تأويل المعنى هو أن النفس التي كانت بكرًا زمانًا وقائمةً في الصلاح والبر وتمارس الفضائل، ثم إن هي سقطت وتنجست ومارست الرذائل تغيب عنها الشمس في منتصف النهار، أي الرأي والمعرفة، وتختفي منها الحكمة والصواب حتى تيأس وتتعرّى من صبرها.
24 - وأما معنى العاقر التي ولدت سبعة بنين، فهي كنيسة الأمم التي صارت كرمل البحر وكنجوم السماء بحبها ليسوع. أما الكثيرة الأولاد التي ضعفت فهي مجمع اليهود الذين ضعفوا في الإيمان بعد المحبة الكثيرة التي عاشوها في الله حينما خرج منهم الآباء والأنبياء والرسل والقضاة والصديقون، أما الآن فقد أقفرت.
25 - وهي التي قيل عنها إن ابنة صهيون تصير كالراقوبة (الناطور أي الحارس) في الكرم وكالعريش في المقثأة ("خيال المآتة" وسط المزروعات لتخويف الطيور). كما قيل عنها إنها أشبهت في ظلمتها نهاية الليل، كما قال عنها الله: إنني من أجل آثامكم طلّقتُ أمّكم. كما شبّهها بالأرض التي كانت مثمرة فصارت سبخة من أجل رذائل الشياطين الحالّة فيها.
26 - هذه هي النفس التي كانت سابقًا غير مثمرة، ثم تفاضلت في الأعمال الصالحة، والتي كانت متفاضلة في الأعمال الصالحة لم تقتنع بضعفها في عمل الصلاح، فارتدّت إلى عمل الرذائل وأكملت جميع الأعمال غير الصالحة.
27 - والذي قيل عن أورشليم عندما عصت ربها: إنني أسوق شعبها إلى السبي والجلاء حتى تصير مسكنًا للتنانين. وتأويل هذا هو أن النفس الملازمة لخطاياها ولا تشاء أن تتوب، فهذه يقول عنها الرب: أنا أسلِّمها لشدائد كثيرة وضيقات حتى تصير مسكنًا للشياطين.

28 - ثم أيضًا كثيرةٌ هي الأقوال والأعمال الباهرة التي صنعها الرب، التي اشتهى أنبياء كثيرون وملوك وأبرار أن يروها أو يسمعوها فلم يروا ولا سمعوا، كما قال الرب في الإنجيل. أما نحن فقد تحققنا منها وميّزناها، ولكننا تهاونّا بكل ما صنعه ربنا.
29 - فهل مثل هذه الأقوال والأعمال التي سمعناها تزيدنا عصيانًا ولا تجعلنا نكفّ عن الخطيئة؟ حاشا. ورغم ذلك فلا يستطيع أحد أن يُكابر ويقول إنني ما رأيتُ ولا سمعتُ وإلاّ كنتُ قد نذرتُ ذاتي منذ طفولتي أن أصون هيكل الله فيَّ ولا أدنّسه وأحفظ بيته وأتجنب الظلم وجميع رذائل إبليس.
30 - أما أنا فأقول إنه طالما أن الإنسان يحرس جسده وقلبه طاهرين من أجل الله، فكل ما هو صالح يصير من نصيبه.
31 - ثم علينا أن نتعظ إذا سمعنا أن النحل لا يصنع خيره ولا يستأمنه في أي وعاء كان، بل لا بدّ أن يهيِّئ له وعاءً خاصًا (أي قرص الشمع). فكم بالحري المسيح وروحه القدوس لا يصنع الخير في الإنسان وفي روحه إلاّ إذا وجده مستعدًا لوصاياه بكل الطهر والنقاوة.
32 - ثم إن النحل – هذه الحشرة الطائرة اللطيفة - يقوم بعمل آخر، إذ إنه يعرف كيف يبني لنفسه بيتًا (فهو يجمع حبيبات الشمع الدقيقة من على ساق وأوراق النباتات ويعجنها ويعمل بها القرص الذي يجمع فيه عسله). فكيف تسأل أنت عن كيفية تجسُّد الكلمة في أحشاء العذراء الطاهرة القديسة مريم؟ فهو وحده العالم كيف كان تأنُّسه فيها وهو الإله القادر على كل شيء، ولا يمكننا نحن أن نعرف جميع أمور الرب على جليّتها، لأن كثيرين سقطوا في التجديف بسبب اختلاط الأمور عندهم فخاب سعيهم وصاروا في بلبلة.
33 - كن أنت مؤمنًا طاهرًا، وإذا مضيتَ إليه فستشاهد مجد لاهوته وجزيل نعمته وفضله.
34 - فإذا كنتَ تستلطف الأشياء التي تشاهدها هنا على الأرض؛ فكم بالأكثر تكون الأمور التي ستشاهدها في السموات أكثر استلطافًا؟ وإن كنتَ تتعجب من عظمة المدن المصنوعة والمزخرفة بالأيدي بكل ما فيها من روعة؛ فكم يكون تعجُّبك إذا شاهدتَ أورشليم السمائية وجمال زينتها وجميع ما فيها من أعمال مصنوعة بيد الله الحي؟
35 - لأنه مهما قلتَ ومهما خطر ببالك أنك إنسان ضعيف ومريض وجسدك ثقيل؛ فإنك إذا أجهدتَ ذاتك تكون عديل الملائكة ولن تنقص عنهم في شيء، حيث إنك تسبحه وتمجّده دائمًا على جميع إحساناته، لأنك تكون في منـزلتهم عند الله وتصير مثلهم وتسبّحه معهم!

36 - لأنه حينئذ لا يكون ثقل جسم ولا ضعف ولا سُقم ولا خطية بعد، لأنك تقوم بجسد روحاني حيث لا زوان في الأرض فيما بعد ولا عين تنبع من بئر، أي لا خطيئة تنبع من القلب لتقف ضدّك، ولا شهوة طبيعية تُلهب الجسد، ولا عين تقع على حُسن امرأة لأجل الشهوة، ولا فكر رديء ضد أحد، حيث لا يوجد هناك بعد ذكر وأنثى ولا عبد وحرّ ولا سلطان لأحد على آخر، إذ يكون الرجال والنساء على حال واحد في ملكوت المسيح، ولا معصية ولا شهوة ولا شيطان يُغوي أحدًا كما أغوى آدم وحواء في الفردوس، إذ كانا في الجسد النفساني فكانت لهما أُذن طائعة للكلام الرديء المؤدّي إلى العصيان وعين مشتهية لثمار الشجرة التي نهاهما الله عن أن يأكلا منها.
37 - فمَنْ كانت عنده الخطية لا تزال حلوة وأحلى من الطاعة، فذلك الإنسان، بعيبه هذا، لا يكون أهلاً لله ولا لخيراته.
38 - إذا كان رب البيت جليل القدر، فإنه يأبى أن يدخل منـزلاً إذا لم يسبقه أولاً مَنْ ينظِّفه من القذارة. أو أنه كيف يدخله إن كان قد هدمه الأعداء؟ أو كيف ينسجم فيه وبداخله عبدٌ أحمق؟
39 - معنى قولي هذا هو أنه إذا كان الرب يسوع، بعد جهد عظيم، يحلّ في إنسان ذي همّة يعكف على طهارة قلبه كل يوم من الأفكار النجسة والهواجس السقيمة؛ فكيف يحلّ أو يسكن بأي حال في جسد إنسان قد نجّس جسده أو في الذين أفسدت الأرواح النجسة أجسامهم بالخطية وخرّبتها فأصبحت نفوسهم جاهلةً أيضًا ورديئة؟
40 - أو كيف تبرّر ذاتك إذا تملّكَتْ الخطيئة على جسدك؟ ثم كيف بجسدك هذا تمجّد الله هذا الذي فداك بدمه الذكي؟!
41 - وإن كان الذين يتعبّدون لبطونهم هم مرذولون، وقد رذلهم الرسول أولاً وأخيرًا قائلاً إن أصل القضية التي حلّت علينا هو الأكل والشرب، وقائلاً عن آخرين أيضًا إنهم بطون بطّالة شرهون منهمكون في اللذّات. فبناءً عليه كيف لا تُلام أنت إن كنتَ مستَعبَدًا للشياطين متعبّدًا لأفعالهم؟
42 - ليس الاحتفاظ بالطهارة والبتولية فرضًا على الملائكة المقدسين، لأنهم أطهار بطبيعتهم؛ وإنما كل ما هو حق وكل عمل لأجل العفة وكل عمل صالح ولأجل الطهارة وكل تسبيح وكل فضيلة وكل كرامة، هذه كلها مفروضة على الإنسان لكي تهذِّبه على الأرض.

43 - أما النجاسات والغواية والضلال والفسق وكل تعدٍّ، فلا توجد إلاّ في الأبالسة. وكل مَنْ يقبل نجاستهم وينشغل بها يصير متشبِّهًا بهم، وكذلك مَنْ يعمل أعمال الملائكة يصير متشبِّهًا بهم.
44 - وإن كان السُكارى بالخمر يتعرضون لكل ملامة من الكتب المقدسة، مع أن الخمر ذاته مباحٌ من الله إن تناول منه الإنسان بقدر وكفاية وليس للسُكر قط؛ فكم تكون المذمّة لمن يسكر وتختلّ حياته بخطايا إبليس؟ أَليس هؤلاء هم الذين قيل عنهم إنهم سُكارى بغير خمر؟!
45 - يوجد بين الناس مَنْ يتحسّر ويتأسف عندما يسمع الرسول يقول إن ملكوت الله ليس أكلاً وشربًا، ولكن الله خلق الأكل والشرب للناس ليأخذوا منه بدون شره وانهماك في اللذّات. ولكن كيف تفلت أنت من الرجز وأنت مخدوع عندما تأكل من مائدة الشياطين وتشرب من كأسهم (في حفلات الترفيه والسَمَر واللهو)، ثم تطلب أن تدخل الملكوت؟ فما هو الذي على مائدتهم إلاّ أنها عامرة بطعام الموت وشراب الهلاك. ويا للعجب، فإن الذين يلتئمون حولها كثيرون جدًا حتى إنه لا يوجد فيها مقعدٌ فارغ!
46 - إنهم لا يتناولون ما عليها فقط كبقية الناس؛ بل يتخاطفون ما عليها بنهم وبدون قناعة. وعهدنا بمن يأكلون من مائدة مليئة بالخيرات أن يكتفوا ويشبعوا إذا امتلأت بطونهم، أما الذين يتناولون من مائدة الشياطين فلا يكتفون ولا يشبعون ولا يودّون أن يفارقوا هذه المائدة أبدًا!
47 - فإن كان أحد من المسيحيين الذين نُعتوا باسم يسوع لا يحب أن يكفّ عن الطعام الذي على مائدة أولئك ويشارك الذين يتناولون منها، فخليقٌ به أن يوصف بما شبهتهم به كلمة الله: أنهم كلاب مسعورة ووحوش ضارية تأكل من الجيف المنتنة!
48 - ومن ذا الذي لا يقول: فلتفرح السماوات ولتتهلل الأرض، آمين يكون، بفرح الروح القدس الناطق في الأنبياء وسائر أصفياء الله!
49 – والمجد للثالوث القدوس الآب والابن والروح القدس المحيي بالكمال والمساوي، الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور كلها آمين.
يا إله أبينا القديس أنبا شنودة تحنن علينا واغفر لنا خطايانا الكثيرة.


يتبع



  رد مع اقتباس