كان في الدير اثنان من الإخوة، أحدهما كان غيورًا متيقظًا لنفسه باهتمام، أما الثاني فقد كان متوانيًا يقضي أيامه في أمور باطلة. وحدث أن حلّ بهما المرض وذهب أبونا أنبا شنودة ليفتقدهما، فقال للأخ المتواني: "إنني أراك تقاسي وأنك تقترب من الموت، فماذا تظن في نفسك"؟ فأجاب الأخ: "صدقني يا أبي، إنني لم أتمم أيّة واحدة من وصاياك، ولا أعلم بأية طريقة يمكنني أن أبرِّر نفسي"! ثم ذهب أبونا إلى الأخ البار،
الذي لم يكن مرضه خطيرًا، وسأله: "ماذا تظن إذا افتقدك الرب، هل أنت متيقنٌ الآن أنك ستجد رحمة"؟ فأجاب قائلاً: "صدقني يا أبي القديس، إنني كنتُ غيورًا في حفظ جميع وصاياك،
ولكن إن كان الله ليس رحيمًا فلا أعلم ماذا سيحدث لي". فقال له أبي: "جيدٌ". وبعد ذلك رقد الأخ الغيور وذهب إلى الرب. أما الأخ المتواني فقد شُفيَ من مرضه، ولكنه ظل مستمرًا في توانيه، وكان أبونا حزينًا بسببه.
ثم حدث أن الإخوة بينما كانوا يفرشون ترابًا في البيدر، كان بعض الإخوة يحملون ترابًا وكان من بينهم الأخ المتواني، وكان يمشي متباطئًا ومعه مقطف التراب وهو يمزح بتكاسل ويعج بالضحك. فقام أبونا الشيخ بغضب وأمسكه وألقاه على الأرض وألقى عليه مقطف التراب
وقال له: "ألا يكفيك أنني من أجلك سلّمتُ الأخ الغيور واستعدتك أنت إلى الحياة راغبًا في توبتك؟! وها أنت لا زلت غير متنبّه لأعمالك الشائنة"!
فنهض الأخ وانطرح أمام أبينا قائلاً: "اغفر لي يا أبي".
ثم أعطى هذا الأخ نفسه للتوبة بغيرة عظيمة وتنهّدات ودموع حتى مرّ شهرٌ كامل. ثم رقد مريضًا واقترب من الموت، فذهب أبونا القديس ليفتقده ومكث بجواره حتى لفظ أنفاسه. ثم قال أبونا للإخوة: "ها هو أخٌ قد انتقل اليوم إلى الرب بعد أن صارت حياته بلا نقيصة
يتبع