جاء إليه في أحد الأيام بعض كبار رجال مدينة إخميم لأنهم أرادوا أن ينالوا بركته، وجاء معهم أيضًا بعض الرهبان المعروفين من برية شيهيت (أو حسب الترجمة السريانية: بعض الرهبان من دير القديس الشهير أنبا مكاريوس) الذين أرادوا أن يستمعوا إلى كلامه، وهؤلاء قالوا له: "يا أبانا القديس، هل سيوجد في هذا الجيل راهبٌ مثل الطوباوي أنبا أنطونيوس"؟ فقال لهم أبونا البار: "حتى لو اجتمع جميع رهبان هذا الزمان معًا في مكان واحد، فلن يكوِّنوا من مجموعهم أنطونيوس واحدًا"! فاندهش الإخوة مع كبار المدينة من قول أبينا النبي، وبعد أن نالوا بركته انصرفوا وهم يمجدون الله
كان أبونا يومًا ما جالسًا مع ربنا يسوع وهما يتحدثان معًا. وحينئذ مرّ على الدير أسقف مدينة إخميم في طريقه إلى الإسكندرية لكي يقابل رئيس الأساقفة، وكان يريد أن يزور أبي قبل اتجاهه إلى الشمال. ثم أرسل إلى أبي قائلاً: "أسرع بمجيئك لأنني أريد مقابلتك لكي أتكلم معك في موضوع قبل اتجاهي إلى الشمال". ولأن أبي كان جالسًا مع المخلِّص قال لخادمه: "قُل له إنني لستُ حرًا في هذا الوقت". فأخبر الخادم الأسقف بذلك. فقال له الأسقف أيضًا: "قُل له: من أجل محبتك تعالَ لكي أقابلك".
فبعث له بنفس الإجابة. ولما علم الأسقف أرسل إليه قائلاً: "إن لم تأتِ تكون محرومًا"! فلما علم أبي ابتسم بلطف وقال: "انظر إلى ما يقوله هذا الإنسان الذي من لحم ودم! ها هو جالسٌ معي ذاك الذي خلق السماء والأرض، ولن أذهب بينما أنا معه". ثم قال المخلِّص لأبي: "قم يا شنودة واذهب إلى الأسقف لئلاّ يحرمك، وإلاّ فإنني لن أدعك تدخل السماء بسبب العهد الذي قطعته مع بطرس الرسول قائلاً: «كل ما تربطه على الأرض يكون مربوطًا في السماوات، وكل ما تحلّه على الأرض يكون محلولاً في السماوات» (مت16: 19). فلما سمع أبي ذلك من المخلِّص نهض وذهب إلى الأسقف وحيّاه. ولما انتهى حديثهما انصرف الأسقف بسلام الله
بينما كان أبي جالسًا يومًا ما دخل الشيطان ومعه بعض أتباعه وتكلم مع أبي بتهديدات وشرور بشعة. فلما رآه أبي تعرّف عليه في الحال وقفز عليه وصارع معه، وقبض عليه وقذف به على الأرض ووضع قدمه على رأسه، وصاح مناديًا الإخوة القريبين قائلاً: "اقبضوا على الآخرين الذين يتبعونه". وللحال اختفوا كالدخا
كان الأب مارتيريوس أرشيمندريت دير "فبوؤو، ذاهبًا إلى الإمبراطور ثيئودوسيوس في القسطنطينية. وقبل أن يقترب من الدير قال إنه يريد أن يأخذ بركة أبي النبي أنبا شنودة. فقال تلميذه يوحنا بطريقة عنيدة: "أي نبي؟ دعنا نتقدم، لأنه في الحقيقة لا يعرف ماذا أكل هذا المساء"! ثم نزلا من السفينة، ولما اقتربا من الدير خرج أبي لمقابلته وسلّما على بعضهما، وبعد أن صلّوا جميعًا في الدير جلسوا، ثم قال أبي: "أين يوحنا"؟ فنظر الإخوة بعضهم إلى بعض، ثم قال: "أنت يوحنا تلميذ الشيخ الأب مارتيريوس". ثم أمسك به وقال: "حقًا يا يوحنا، إن شنودة لا يعرف ماذا أكل هذا المساء، ولكن في يوم الدينونة، فإن هذا الجسد البائس الذي يكلّمك الآن سيجلس مع الرسل لكي يُدين معهم (انظر مت19: 28)، من ثم فاحذر من أن تشكّ في الله وفي خدامه"! ففي الحال ألقى الشاب بنفسه عند قدمي أبي القديس وتوسل إليه قائلاً: "اغفر لي فقد أخطأت"! ثم انصرف الأب مارتيريوس وتلميذه وهما يمجدان الله إذ دُهشا مما حدث
يتبع