الوداعة من أقوال مار افرام السرياني
مغبوط بالحقيقة مغبوط الإنسان الحاوي الوداعة لأن الرب المخلص القدوس يضمن له الارض والسماء قائلاً : مغبوطون الودعاء فإنهم يرثون ملكوت السموات، ويرثون الأرض. فماذا يكون أعظم من هذا التطويب ؟ ماذا يكون أعلى من هذا الوعد ؟ ماذا يكون أبْهى من هذا السرور ؟ أن يرث إنسان أرض الفردوس. فلذلك يا أخوتي إذ قد سمعتم فضل سمو هذا الوعد وجسامة وقدر ثروته فبادرا أن تقتنوا الوداعة ، وسارعوا إلى بَهاء الفضيلة إذ قد سمعتم شرفها فتخشعوا واحرصوا بكافة قوتكم أن ترثوا هذه الأرض لئلا نبكي بكاءً مراً متندمين حيث لا ينفع الندم ، إذ قد سمعتم تطويب الوداعة فبادروا إليها، أسمعتم ما قال عنها إشعياء النبي الصادق بالروح القدس: إلى من أنظر قال الرب إلا إلى الوديع الهادئ المرتعد من أقوالي. أترى لا يجب أن نتعجب من هذا الوعد، لأنه ماذا يكون أشرف من هذه الكرامة ؟ فاحذروا يا أخوتي أن يسقط أحدكم من هذا التطويب ومن الفرح والابتهاج الذي لا يحصى، أتضرع إليكم أن تبادروا متسارعين لتقتنوا الوداعة . فإن الوديع تزين بكل عمل صالح. الوديع إن سُبَ فرح، إن حزن شكر، يُسَكن غيظ الساخطين بالمحبة، يلبث متأدباً هادئاً في الخصومة، يبتهج في الأسهار، يفرح بالتواضع، لا يستعلي ذهنه بتقويماته، لا يتحير، يستعمل السكوت لدى الكل، يتعبد في كل طاعة، مستعد لكل عمل نجيب، في كل شئ ممدوح من الجماعة، خالٍ من الرياء