[walaa farouk]

حبيبي يسوع.. سيدى المسيح.. إنَّ حياتك على الأرض هى رحلة مع الآلام،

بدايتها كانت في بيت لحم حيث آلام الفقر والغربة، ونهايتها على الجُلجُثة حيث آلام الصلب والفداء، فأين سطور الفرح في كتاب حياتك؟ لقد محاها الألم! ألم ينسج الإنسان من ظُلمة الليل رداءً كثيفاً مُبطَّناً بأنفاس الموت ليستر به أضلُع يسوع يوم ميلاده؟! وها السماء يوم صلبه تنسج ثوباً من أشعة الشمس المُظلمة وتُلقيه على جسد خالقها!
لقد وُلِدت شُجيرة لم تُقلّمْ أغصانها بعد، فما أن أتت الثمرة حتى سقطت ميِّتة في أرض الأحياء، ألستَ أنتَ بكرُ مريم الَّذي طوَّقته بذراعيها كما تُطوِّق الصدفة درَّتها الثمينة؟ فلماذا لا تساوي الجوهرة في نظر صالبيك سوى ثلاثين من الفضة؟!
وفي شبابك لم يأسرك المال بل قلت للشاب الغنيّ: " لِلثَّعَالِبِ أَوْجِرَةٌ وَلِطُيُورِ السَّمَاءِ أَوْكَارٌ وَأَمَّا ابْنُ الإِنْسَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ " (لو58:9)، فالفقر لم يكن حليف طفولتك فقط، بل صديقاً رافقك على الأرض كل أيام حياتك.
أمَّا في جثسيماني فقد خرجت الخطايا من شقوق الضمائر، تُجرجر في خِزي قُبح معاصيها، وهى تفحُّ كالأفاعي السامة تُريد أن تقضي على الحمل الوديع، قبل أن ينقض عليها ويمحوها الأمر الَّذي جعل عروقه تتفجر حُزناً " وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَة عَلَى الأَرْضِ " (لو44:22)، فصار الألم كزلزال حَبَلتْ به الأرض فتمخَّضت متوجِّعة، تُريد أن تلد الخراب والشقاء، ولكنَّها على غير عادتها لم تلد سوى الخلاص!
إنَّ الحُب هو الذي جعلك تتألّم من أجلنا، ولذلك فإنَّ العرق والدم المتساقط عليك، كان يكتب على جسدك المُمزّق بالسياط، أسمى كلمات الصفح والغفران الَّتي هى رمز المحبّة الصادقة: " يَا أَبَتَاهُ اغْفِرْ لَهُمْ لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ " (لو23: 34).
فيا من عُلقت على الصليب قوي ضعفنا وأغفر خطايانا، وأنعم علينا ببركات صليبك المقدّس وعلِّمنا كيف نحمله بشكر، آمين.