ثانيا : التطور التاريخى للخدمة النبوية :
(1) إن من المميزات الخاصة بديانة العهد القديم، أن بداياتها الأولى كانت ذات طبيعة نبوية، فقد كان إبراهيم وإسحق ويعقوب أصحاب رؤى سماوية وإعلانات إلهية، فقد بدا عند الغرباء الذين لم يكن إبراهيم لهم صديقًا ولا قريبًا، أنه نبي (تك 20: 7 مع مز 105: 15).
(2) وكان موسى الذىِ أعطى الشعب القديم شرائعه، نبيًا بكل معنى الكلمة، ولم يكن نفوذه بين الشعب متوقفًا على مركزه كقائد لهم، أو على حنكته العسكرية، بل كان ذلك، لأنه منذ دعوته - عند العليقة المشتعلة - قد تكلم إليه الله، فقد كان لهذا اللقاء بين الله وموسى أهمية بالغة، إذ إنه بينما أعطى الله أناسًا آخرين رسائل معينة بين وقت وآخر، وعن طريق الأحلام والرؤى، فإن الله كلم موسى " وجهًا لوجه " (خر 33: 11، عد 12: 6-8) وأمره أن يكتب هذه الأقوال (تث 34: 10 – 12)، فقد كان موسى الآلة التي استخدمها الله لإيقاع الضربات بمصر، واعلان مقاصده من جهة شعبه. كما أن الله استخدمه في قيادة الشعب في كل أيام البرية، من مصر إلى تخوم أرض كنعان، وأعطاهم شرائعه وفرائضه وأحكامه عن طريق موسى، الذي كان له الامتياز أن يمكث في محضر الله أوقاتًا طويلة وأيامًا عديدة .