[walaa farouk]

دعونا هذه المرة أن نتأمل ليس في الإبن الضال، ولكن في (الأب المظلوم) !! نعم مظلوم، والذي يظلمه هم أولاده!!
، إنه أنا وأنت الذين دُعٍيَ علينا إسم أولاد الله، نحن الذين نتهم الله بأنه لا يشعر بألم أولاده، لماذا يترك الشر يتفشى في الأرض؟ لماذا يترك الشرير يُفْسِد فساداً؟ لماذا لا يرد أولاده التائهين؟ أهو إله الأبرار فقط؟ وليس للخطاة معه مكان؟!!
، أغلبية الملحدين الذين بعدوا عن الله، ولا يريدوه التعامل معه لا من قريب ولا من بعيد، ولا يريدون حتى مجرد سماع كلمة عنه أو منه، هؤلاء كانوا من أولاد الله، من داخل الحظيرة، وخرجوا منها لأنهم لا يعرفون صوت الراعي، ولا يعرفون حتى شخصيته وطبائعه...
، الله نفسه أراد أن يكشف الغموض ويوضح ويكشف صورته وطبعه، } اَللهُ بَعْدَ مَا كَلَّمَ الآبَاءَ بِالأَنْبِيَاءِ قَدِيماً، بِأَنْوَاعٍ وَطُرُقٍ كَثِيرَةٍ، كَلَّمَنَا فِي هَذِهِ الأَيَامِ الأَخِيرَةِ فِي ابْنِهِ- الَّذِي جَعَلَهُ وَارِثَاً لِكُلِّ شَيْءٍ، الَّذِي بِهِ أَيْضاً عَمِلَ الْعَالَمِينَ. الَّذِي، وَهُوَ بَهَاءُ مَجْدِهِ، وَرَسْمُ جَوْهَرِهِ، ...{ (عب 1: 1-3)
أولاً: نرى ديمقرطية الأب في عدم منع الإبن من الخروج... وهو ما يتهم به الناس الله، لماذا تسمح بخروج خرافك من الحظيرة؟ لماذا لا تبالي بهم؟ إنها حرية الإرادة يا أحبائي، إنها السمة التي تميز الإنسان، خلقه الله على صورته كمثاله، كامل الإرادة، فليس من عدل الله أنه بعدما أصدر قراراً بمنح الإرادة للإنسان أن يسحبها منه، أو أن يمنحه إياها في أوقات معينة!!
ثانياً: هل الأب هو من ضيق عليه الخناق في الكورة البعيدة حتى يعود إلى بيته؟ هل أجرى إتفاق بينه وبين من إلتصق به من أهل تلك البلد (الشيطان) على أنه يطرد الإبن أو يمنع عن الطعام، حتى تسود في وجهه ليعود إلى الأب؟؟
هذه هي الخطية وهذا هو الشيطان، عندما نقع في قبضته بعد أن أخذنا من يده الخطية، الماءالمالح، لا يتركنا حتى يأخذ ثمنها منا‘ ومع العجب هو يلطمنا فنهابه والله يحتضنا فنتهمه...
ثالثاً: هل قابل الأب إبنه المتشرد السكير ذو السمعة السيئة الذي وضع رأسه في الوحل بين أقاربه وجيرانه، واتهمه بالفشل في التربية، هل قابله بالضرب والإنتقام؟ هل قابله بالهزء والسب؟ هل قابله حتى بتلميحات على وجهه توحي حتى بالفشل، كما نفعل نحن الوالدين لأبنائنا الأحباء جداً عند ظهور نتيجة الإمتحان؟!!
، قبل أن تتهم الله بما فعله بمحبته التي لم نصل لها قط، ضع نفسك محل الأب، وضع إبنك محل إبنه المتشرد الضال‘ واخبرني ماذا سوف تفعل لو كنت مكانه... أخي الملحد، أختي المتذمرة على الله، أرجوكم تأملوا جيداً شخصية الله في قصة الإبن الضال، ولنحكم بعين العدل بين ما فعله هو وما نفعله نحن بأولاده المحبوبين جداً إلينا...