ولعل أهم خزانات المياه التي تم الكشف عنها حتى الآن، هي البركة التي في جبعون (2 صم 2: 13، إرميا 41: 12)، فهذه البركة الكبيرة يبلغ قطرها 37 قدمًا، وعمقها 33 قدمًا، ويُنزل إليها بسلم حلزوني على الجوانب الرأسية للبركة. ولعل حفرها يرجع إلى القرن الثاني عشر أو القرن الحادي عشر قبل الميلاد.
وقد ابتكر الكنعانيون، ثم الإسرائيليون من بعدهم، وسائل لحماية موارد المياه من هجوم الأعداء، فحفروا الأنفاق للوصول إلى الآبار الجوفية أو إلى البرك، وقد اكتشف عدد منها في بعض المدن الفلسطينية. فهكذا فعل اليبوسيون لتزويد مدينتهم "يبوس" (أورشليم) بالمياه، وهو ما فعله حزقيا الملك- بعد ذلك بقرون- من حفر نفق للإتيان بمياه بركة سلوام إلى أورشليم (2 مل 20: 20).
وقد كشف "ماكالستر" (Macalister) عن نفق يمتد نحو 132 قدمًا في جازر يرجع حفره إلى العصر البرونزي المتأخر، ويصل إلى عمق 130 قدمًا تحت مستوى سطح التل حاليًا. كما أن سلم نفق بركة جبعون به 93 درجة، وكوى لوضع المصابيح الزيتية لإنارته، وتكاد تكون مفصولة عن البركة العليا. كما ينطبق نفس الشئ على يبلعام ومجدو وصرتان.
وأكبر عمليات التي كُشف عنها (حتى 1968- 1969) هي تل القلعة في حاصور، وترجع إلى القرن التاسع قبل الميلاد، وظلت تستخدم إلى وقت تدمير المدينة في 732 ق.م. وتنزل نحو 140 قدمًا حتي تصل إلى المياه الجوفية في ثلاث مراحل: باب يؤدي إلى مدخل من البناء، ثم نفق عمودي به سلم من خمسة انحناءات، ثم نفق أفقي يمتد إلى غرفة عميقة تتجمع فيها المياه.
كما كانت هناك وسيلة أخرى لجلب الماء من بئر أو من المياه الجوفية، ترجع إلى القرن التاسع قبل الميلاد، ففي نقش أشوري يصور حصار مدينة فلسطينية، نجد صورة آله تتكون من حبل ومجموعة من البكرات لسحب دلو ضخم إلى قمة سور المدينة.
ويذكر "الماء" في الكتاب المقدس، أكثر من أي مادة أخرى، فهو من ألزم ضرورات الحياة للإنسان (تك 21: 14 و15). ويتضح هذا بقوة مما حدث لداود عندما أحضر إليه رجال الأبطال ماء من بئر بيت لحم مخاطرين بأنفسهم، عندما كان مختبئًا في مغارة عدلام (1 أخ 11: 17). وقد قال الرب يسوع وهو على الصليب: "أنا عطشان" (يو 19: 28). وقد يستخدم الماء أحيانًا للتعبير عن بركة الله للبشر (مز 33: 7).
وكان الماء جزءًا من الأرض عندما كانت خربة وخالية "وعلى وجه الغمر ظلمة، وروح الله يرف على وجه المياه" (تك 1: 2)، وهكذا كانت رمزًا لعدم الاستقرار (تك 49: 4، إش 57: 20، يع 1: 6).