بسم الثالوث الاقدس
امين
جاء من الله مولوداً من عذراء تقيَّة بسيطة .
كان ميلاده أمراً حيَّر الحكماء، ولم يستطع أحد من العلماء تحت الشمس ان يدرك هذا السر .
أخذ طبيعة البشر لكي يفدي الجنس البشري ، وصار ابن الإنسان لكي نصير نحن اولاد الله .
عاش فقيراً ونشاء مجهولاً .
لم يكن له نصيب في التعليم العالي ، لأن عائلته لم يكن لها ثروة او نفوذ .
ومع ذلك ففي طفولته كان قد سبب الرعب في قلب ملك .
وفي صباه حيَّر اهل المعرفة ، ولما اكتمل شبابه سيطر على الطبيعة ،
فمشى على الأمواج وأمر البحر فهدأ ، وشفى الجموع الكثيرة ، واقام الموتى بسلطان كلمته .
لم يكتب كتاباً واحداً في حياته ، ومع ذلك فليست هناك مكتبة يمكنها ان تسع الكتب المكتوبة عنه .
لم يؤلف ترنيمة واحدة ، ومع ذلك فان ألحان التسبيح والتمجيد له تبلغ عددا لا يستطيع جميع الموسيقيين معا ان يؤلفوا ما يساويه .
لم يؤسس مدرسة واحدة ، ومع ذلك فكل جامعات العالم لا يمكنها ان تفتخر بتلاميذ اكثر من تلاميذه .
لم يدرس الطب ولم يمارس هذه المهنة ، ولكن من ذا الذي يستطيع ان يحصي عدد القلوب التي سحقتها الآلام ووجدت الشفاء عنده ؟
لم يقد جيشاً ، ولم يجند عسكرياً ، ولم يحمل سلاحاً ، ومع ذلك فليس هناك قائد جمع حوله عددا من المتطوعين اكثر منه ،
وفي كل انتحاء الأرض ألقى كثير من العصاة اسلحة تمردهم وأخضعوا ارادتهم لإرادته ، دون ان يصدر منه تهديد ودون الالتجاء الى العنف ولكنه هزمهم بسلاح اللطف والوداعة .
لقد خلع الملابس الملكية الفاخرة ليرتدي الملابس المتواضعة ، كان غنياً وفي سبيل محبته لنا افتقر …
والى أي درجة من الفقر قد وصل !
اسأل عن ذلك مريم أمه بل اسأل الرعاة والمجوس ، قد ولد في مذود لا يملكه ، وعبر بحيرة جنيسارت في قارب لا يملكه،
وفي يوم دخوله اورشليم كان راكبا على جحش لا يملكه ، ودفن في قبر غيره .
كثيرون من العظماء ظهروا ثم طواهم النسيان ، ولكنه وحده الذي يبقى مدى الأجيال .
لم يقدر هيرودس ان يقتله ، ولم يتمكن الشيطان من وضع العقبات في طريق عمله ،
ولم يستطع الموت ان يهزمه ولا القبر ان يستبقيه تحت سطوته .
هذا هو يسوع المسيح الذي لا مثيل له :
" يدعى اسمه عجيبا" اشعياء 9: 6 ، "له يشهد جميع الأنبياء ان كل من يؤمن به ينال باسمه غفران الخطايا" اعمال 10: 43
شخصه المعجزة العظمى في تاريخ البشرية ، وكإنسان كان وجهه يلمع بمجد الله العلي .
آه يا أخي : لقد مات المسيح ميتة شنيعة على صليب العبيد والمجرمين ،
مات حبا لنفسك الضالة ، بعدما ذاق كل العذاب انسحق تحت ثقل خطيتك الرهيب .
وبكل صبر سنة بعد سنة ، يبحث عنك وانت في مسالك الشك ،
تهرب من خطواته ، وقلبه الأمين يفتش عليك وانت لا تعلم .
لقد مات ليعطيك الحياة ، والآن يشتاق ان يسمعك وانت تناديه :
" يا مُخلِّص خلّصني من خطاياي ويا رب املك على قلبي" .
الآن صوته يناديك ، فافتح قلبك له . لا تؤجل .