- متى خُلِقَت الملائكة؟
ليس في الكتاب المقدس كلام صريح عن ميعاد خلقة الملائكة, لأن ذلك من عل الله وحده, ولا يعني الإنسان أن يعرف شيئا عن هذا الزمان. ولكن هناك دلائل واضحة في الكتاب المقدس علي وجود ملائكة في السماء قبل خلقة الإنسان نستطيع أن نلخصها في الاّتي:
متي خلقت الملائكة:
1-حين خلق الله الإنسان حاول كائن خبيث – كان موجودا قبله – أن يجربه ويهلكه وسقطه ونجح في ذلك (تك 3: 1-7), وإتضح أن هذا المجرب (الحية) هو إبليس اللعين وهو ملاك ساقط. ويقول عنه سفر الرؤيا "وحدثت حرب في السماء. ميخائيل وملائكته حاربوا التنين, وحارب التنين وملائكته, ولم يقووا فلم يوجد مكانهم بعد ذلك في السماء. فطرح التنين العظيم الحية القديمة المدعو إبليس والشيطان الذي يضل العالم كله، طرح إلي الأرض وطرحت معه ملائكته" (رؤ 12: 7-9).
2-عند ما طرد الإنسان بعد سقوطه من جنة عدن، أقام الله ملاكا حارسا علي الجنة لكي لا يرجع الإنسان الساقط إلي هناك "فطرد الإنسان وأقام شرقي جنة عدن الكروبيم (رتبة من رتب الملائكة) ولهيب سيف متقلب لحراسة طريق شجرة الحياة...." (تك3: 24).
3-يما أجاب الرب أيوب من العاصفة قال له "أين كنت حين أسست الأرض... عندما ترنمت كواكب الصبح معا، وهتف جميع بني الله؟..." (أي 38: 1-7). ويقصد بكواكب الصبح وبني الله بالملائكة وهذا القول صريح يثبت لنا أن الملائكة كانت موجودة قبل خلقة الإنسان .
خلقتهم في اليوم الأول:
وهناك رأي يقوله نيافة الأنبا غريغوريوس عن خلقة الملائكة إستنتجه من بعض آيات الكتاب المقدس فيقول: إن الرسول قال عن الله "إنه الصانع ملائكته أرواحا، وخدامه لهيب نار" (عب 1: 7) , مبينا بهذا أن الله هو الذي خلق الملائكة من النور الذي خلقه أول ما خلق، فقد قال الله "ليكن نور فكان نور" (تك 1: 3), ومن النور خلق الله الملائكة، ومن هنا فهي كائنات نورانية طاهرة نقية صافية.. كائنات روحية ليس لها أجساد كثيفة كأجسادنا, وإنما أجسادها لطيفة.
ويؤيد هذا الرأي الأنبا ساويرس أسقف الأشمونيدس الشهير بابن المقفع قائلا "إنه في يوم الأحد خلق الله السماء العليا التي فيها الملائكة وفيه خلق جميع مراتب الملائكة الروحانين، وفيه خلق السماء وجميع من فيها وفيه خلق النور..."
7- عدد الملائكة
تمهيد:
لم يذكر في الكتاب المقدس أي إشارة عن عددهم بالتحديد، ولا يعرف عددهم إلا الله وحده الذي خلقهم وتبهم لخدمته، ولكن هناك أقوال كثيرة في الكتاب المقدس تدلنا علي كثرة عددهم.
كثرة عددهم:
سنورد بعض هذه الأقوال لكي يأخذ القارئ فكرة عن كثرة عددهم...
1-عندما نزل الله علي جبل سيناء لإعطاء الشريعة لموسى النبي قيل اه "اتي من ربوات القدس (أي الملائكة) وعن يمينه نار شريعة لهم" (تث 33: 2).
2-في بستان جثيسماني قال السيد المسيح لبطرس "أتظن أني لا أستطيع الاّن أن أطلب إلي أبي فيقدم لي أكثر من إثني عشر جيشا من الملائكة" (مت 26: 53).
3-قال دانيال النبي "ألوف ألوف تخدمه, وربوات ربوات وقوف قدامه" (دا 7: 10).
4-قيل في بشارة الرعاة "وظهر بغتة مع الملاك جمهور من الجند السماوي" (لو 2: 13).
5-وبولس الرسول يقول في رسالته إلي العبرانيين "بل قد أتيتم إلي جبل صهيون... وإلي ربوات هم محفل ملائكة" (عب 12: 22).
6-ويوحنا الرسول يصف منظرهم في رؤياه المشهورة قائلا "ونظرت وسمعت ملائكة كثيرين حول العرش والحيوانات والشيوخ, وكان عددهم ربوات ربوات وألوف ألوف" (رؤ 5: 11).
7-وهناك أمثلة كثيرة تذكر أن عددهم كبير جدا لا تستطيع أن تحصيه, وليست المسألة بالكثرة بل بقوتهم وقدرتهم فقد عرفنا أن ملاكا واحد إستطاع أن يقتل 185 ألف رجل من جيش سنحاريب ملك أشور في يوم واحد.
8-وإن كنا نود أن نستنتج عددهم التقريبي من كلام رب المجد نفسه، فنقول أن عددهم التقريبي أكبر من:
= 12 × 12500 = 150000.
وإن كان رب المجد لم يذكر أن هذا العدد هو كل الملائكة بل قال انه " يستطيع أن يطلب من أبيه أكثر من إثني عشر جيشا " ونستطيع في الختام أن نقول أن عددهم كثير جدا لا يحصي ولا يعد، وأن ملاكا واحدا يستطيع أن يعمل أكثر من ألف إنسان.
9-يقول القديس ديونيسيوس الأريوباجيتي "ان عدد الملائكة أكثر من عدد الأشياء الجسمية الهيولية، لأن الله تعالي حيث أنه في تكوين العالم – قصد كماله ولا حد لقدرته – أراد أن يكثر من عدد الأشياء الأكثر كمالا, ولذلك قال أيوب البار "ألعل لجنوده عددا؟" (أي 25: 3).
10-هناك رأي سائد في الكنيسة يقول أن الله عين لكل مؤمن ملاكا حارسا يهتم به ويرافقه إلي يوم وفاته، وهو لديه كمعلم ومدبر ومرشد ليهديه طريق البر والفضيلة، ويحذره من حيل أعدائه المنظورين وغير المنظورين (كقول رب المجد "انظروا احذروا ألا تحتقروا أحد هؤلاء الصغار، فإني أقول لكم إن ملائكتهم في السموات كل حين يعاينون وجه أبي الذي في السموات " [مت 18: 10])..... (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و الكتب الأخرى). والكتاب المقدس ملئ بأمثلة الملائكة التي ساعدت البشر في أسفارهم وخدمتهم في كل وقت.. فالملاك رافائيل رافق طوبيا وخدمه في سفره باذلا كل اعتنائه في الطريق بحفظه اياه من حوت كان يهم أن يبتلعه، ثم تحصيل ماله من الناس وتزويجه إياه يأمرة صالحة ورد إلي أبيه.
"وإيليا النبي أتاه الملاك وقدم له فطيرة يأكلها ليتقوي بها في الطريق".. ويعوزنا الوقت لو تكلمنا عن الملاك الذي سد أفواه الأسود في الجب الذي ألقي فيه دانيال النبي، أو الذي نقل فيليبس الرسول من الموضع الذي عمد فيه الرجل الحبشي إلي مدينة أشدود....
11-ويقول توما الإكويني "إن عدد الملائكة يفوق عدد البشر وسائر المخلوقات المادية, لأنهم هم الذين يدبرون العناصر المادية, ويحرسون المدن والممالك، لذلك إتخذتهم الكنيسة شفعاء لهم. ففرنسا وألمانيا إتخذت الملاك ميخائيل شفيعا لها وهكذا أيضا معظم كنائس الشرق".