“وقالت لي رفيقتي العذراء إنّ أمّ الله، تهبُط كلّ يوم سبت إلى المطهر تحفّ بها طائفةٌ (مجموعة) من الملائكة، فتُحرّر الكثير من النفوس، التي تلحق، في جَذَلٍ، بتلك السماويّة، وكأنّها خراف صغيرة.
“والآن، تعالَي نلقِ على الجحيم نظرة، من غير أن نلجه، قالت ليَ العذراء. وعندما رأيته، بدا لي المطهر فردوسًا. فأنفس المطهر خاضعةٌ للمشيئة الإلهيّة وهي سعيدة بالتطهّر بالنار لكي تستأهل به رؤية التجلّي الإلهيّ. في حين أنّه لا يُسمَع في الجحيم سوى صيحاتٌ مُريعةٌ، وسِبابٌ وشتائم. وصُعِقت الأبالسة عندما رأت العذراء التي تقودني؛ فعَلى إبليس أن يقِف ساكنًا، وقفةَ عبدٍ حقيرٍ، في حضورِ نفسٍ تَخصُّ الله بكُلّيتها، وكذلك الأمر عندما يشاهَد نفسًا تصعدُ إلى السماء، إذ تنتابه حُمًّى من الغَيظ…
“وقد أردكتُ أن الشيطان كالرّيح، عندما تهبّ، يُوصَد في وجهها كلّ شيء، وتُسَدُّ الفجوات والشقوق لاتّقائها. فعلى النفس أن تحترز على هذا النحو من إبليس، فتغلُق كلّ ثغرةٍ فيها لئلّا تدعَ منفذًا لذلك الرّوح الشرير.
“وكان أوّل ما أخافني رؤيته في جهنّم، تلك النفوس التي هلِكت من جرّاء رذيلة الفِسق. كان يحيق بها لهيبٌ يتّخذ شكل المحبوب الذي هامَت به حتّى العبادة على الأرض، على نحو جنونيّ. والبُخلاء أيضًا كانوا مُحاطين بلهيبٍ يُمثّل الذهب والفِضّة. وكذلك كانت ألسنةُ النار التي تلبس كلّ من أدين، ترتدي شكل ما كان لإدانته سببًا. ولقد شاهدتُ في جهنّم نفوسًا من جميع الطبقات، ومن جميع المستويات.
“إنّني أشعر أنّ ما سَرَدته لم يكن سوى لعثَمة…”