الأمر الجوهريّ هو أن يتقبّل الإنسان، في حبٍّ، وفي توافقٍ تام مع مشيئة الربّ، كلّ ما يروق للربّ أن يبعث به إليه. هناك، في الجحيم، نفوسٌ كانت تطالب الله بصلبان وإهانات، وقد استجاب لها الله، ولكنّها أخفقت في الإفادة من نعمه لأنّ الكبرياء قد أهلكتها. فلا تطلبي شيئًا، بل تقبّلي بشكر، كل ما سيدفعه الله إليكِ.
“كم من أوهامٍ أيضًا تساور الإنسان عندما يبتليه الله بالمرض. فعِوضًا عن الإفادة منه، يقول في نفسه: “آه! لو كنت أتمتّعُ بعافيتي، لفعلت كيْت وكيْت (كذا وكذا)، وأدّيتُ ذاك العمل في سبيل الله، لخير نفسي” أمّا من يطلبُ الشفاء، فليطلبه أبدًا على نحوٍ شرطيّ: “إن كانت تلك هي مشيئتك يا ربّ، إن كان مجدُك يقتضيه، وإن كان صالحٌ، نفسي تطلبه.”
وأردفت تلك العذراء: “بودّي أن أهبط معك إلى الدنيا كي أتألّم، وكي أتوافق في كلّ شيء مع مشيئة الله، لكي أمجّده على نحوٍ أفضل، وكي أكون أكثر جدارةً بالدنوّ من جماله الأسمى.
“فلتُحبَّ النفوس الله، هذا الأب السماوي، الحنون العطوف، ولتحبّ القريب أكثر من ذاتها، ولتحبّ الفقراء، وإن لم تمتلك سوى كسرة خبزٍ فلتقتسمها معهم، فيقوم عطفُ الله بتأمين أودّ غَدِها، ولن يَدعها تفتقرُ إلى الضروري. وليكُن الله لها الكلّ، في كلّ أمر. ولا يكن لها من مطمعٍ خلا رِضاه وإتمام مشيئته القدّوسة.