عرض مشاركة واحدة
قديم 18 - 10 - 2017, 11:36 AM   رقم المشاركة : ( 4 )
sama smsma Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية sama smsma

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 8
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : قلب طفلة ترفض أن تكبر
المشاركـــــــات : 91,915

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

sama smsma غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب بستان الرهبان

ولما أعيى من الفكرِ والمشي، جلس، ثم أدركه المساءُ، وبدأ يقول لأفكارهِ: «لقد دخلنا في البريةِ، ووصلنا إلى المشرقِ والمغربِ»، ثم قال لنفسِه: «إنّ الذين يبتغون سكنى البريةِ، خبزاً لا يأكلون، وماءً لا يشربون، فافعل أنت هكذا».
وخرج على بابِ قلايته، وأكل قليلاً من نباتِ الأرضِ، ثم قال لنفسِه: «والذين في البريةِ، لا ينامون تحت سقفٍ، بل تحت السماءِ»، وفعل كذلك، بأن ألقى بنفسِه على الصخرةِ ونام متعباً.
وأقام على هذه الحال ثلاثةَ أيامٍ، يمشي من باكر إلى عشية في جوانب قلايته، ويأكل البقل الأخضر، ويضطجعُ قليلاً تحت السماءِ، حتى أعيي وضجر، وبدأ يخاصمُ نفسَه بحردٍ، ولطم على خديه قائلاً: «ادخل بعد إلى قلايتك، وابكِ على خطاياك، ولا يطيش عقلُك بقولِك: البرية، قد دخلتَ البريةَ. أما سمعتَ داود يقول: عينُ الربِ على خائفيه، وأذناه ينصتان إلى تضرعهم، ولا يخفى عنه شيءٌ من أفكارِنا»، فلما نظره المجرِّب هكذا، خاف منه، وانصرف عنه.
أخبروا عن شيخٍ قديسٍ، إنه كان داخلاً إلى مدينةٍ لها أميرٌ كبير، وكانت له ابنهٌ، قد قاربت الموتَ، فلما رأى القديسَ، أمسكه وأعاقه من السفرِ قائلاً له: «لن أُطلقَك حتى تصلِّي على ابنتي فتعافى»، فتبعه الشيخُ إلى موضع الصبيةِ، ووقف فوق رأسِها، وبسطَ يديه قائلاً: «أيها الربُّ العارف بخيرة النفوس، يا علام الغيوب، يا من لا يشاء أن يَهلكَ أحدٌ من جنسِ البشر، أنت تعلم خيرة هذه الصبيةِ، إرادتك افعلها معها». وللوقتِ أسلمت الصبيةُ روحَها، فصاح أبوها على الشيخِ قائلاً: «وا ويلاه منك يا شيخُ، فإن كنتَ لم تقدر أن تقيمها، فلا أقل من أن تعطيها لي كما كانت، وإلا فلن أطلقَ سبيلَك»، فطلب الشيخُ من اللهِ، فعادت نفسُها فيها بطلبةِ الشيخ دفعةً أخرى.
  رد مع اقتباس