عرض مشاركة واحدة
قديم 18 - 10 - 2017, 11:35 AM   رقم المشاركة : ( 7 )
sama smsma Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية sama smsma

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 8
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : قلب طفلة ترفض أن تكبر
المشاركـــــــات : 91,915

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

sama smsma غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب بستان الرهبان

وبينما هو كذلك، إذ رأى بركةً عظيمةً شبه الموضع الواسع، وفيها نيرانٌ متقدة، ولهيبُها يصعدُ، وإذا بجماعةٍ، قيام فيها، بعضُهم في النارِ إلى عنقِهِ، وبعضُهم إلى صدرِهِ، وبعضُهم إلى بطنهِ، وبعضُهم إلى ركبتيه، فلما رآهم، جعل يتفرس فيهم، وبينما هو كذلك، إذا به يرى تلميذَه المتواني قائماً في وسطِ النارِ، إلى سُرَّتِه، فقال له: «أليس هذا ما كنتُ أخشى عليك منه؟ وقد كنتُ أحذَّرك يا ابني»، وصار الشيخُ يبكي عليه، فقال له تلميذُه: «من شأنِ الله يا أبي، ارفع عني القربانَ، واطلب من اللهِ بسببي. يا أبي، إنَّ تحت رجليَّ أقواماً آخرين، وأنا واقفٌ على رؤوسِهم».
وبينما الشيخُ كذلك، انتبه من نومِه وهو مرعوبٌ، فصنع الشيخُ عن تلميذِه قرابينَ كثيرةً، وسأل الربَّ أن يريه حال التلميذِ، فخُطف عقلُه في نصفِ النهارِ بسهوٍ، فرأى تلك البركةَ المنتنةَ، ورأى تلميذَه وقد تركته النيران، وبقيت فقط على أمشاطِ رجليه، وهو يصرخُ، فناداه الشيخُ قائلاً،: «يا ابني، ويا نور عينّيَّ، ها قد صنعتُ عنك القربانَ، فكيف حالُك الآن؟» فقال له: «يا أبي، قد زالت النارُ عني، ووجدتُ راحةً ما خلا رجليَّ، فلا زالتا في الأتونِ، فتصدَّق عليَّ بقربانٍ آخر».
فلما انتبه الشيخُ، صنع عنه القربانَ، وأَكثَرَ الطلبَ بسببهِ، وسأل أن ينظرَه دفعةً أخرى، فرأى في الرؤيا، وقد زالت النارُ عنه، فسأله قائلاً: «يا ولدي، كيف حالُك اليوم؟»، فقال: «يا أبي، قد زالت عني النارُ، ولستُ أريد شيئاً سوى أن أنظرَ لأني أعمى».
وعندئذ انتبه الشيخُ من نومِه، وسبَّح الله قائلاً: «يا رب، ما أكثر تحننك على جنسِ البشرِ»، وهمَّ الشيخُ أن يطلبَ من الربِّ بسببِ التلميذِ كي ينظرَ، ولكن في أثناءِ ذلك، تنيح الشيخُ بشيخوخةٍ حسنةٍ مُرضيةٍ.
قيل إن إنساناً تاجراً، خبيراً بالفصوصٍ والخرز، عارفاً بجوهر اللؤلؤ؛ هذا ركب في سفينةٍ مع غلمانِه، وكانت معه جواهر جزيلة الثمن، وأشياء أخرى ثمينة، وكان في السفينةِ عدة نواتية. وكان بين النواتيةِ صبي، حسنٌ، هادئُ الحركةِ، هذا شكا لذلك التاجرِ بأنه يبغضُ صناعةَ البحرِ، كما يبغض معاشرةَ رفقته، لما هم عليه من العوائدِ الذميمةِ. ثم إن التاجرَ قال له: « لا يضيق عليك الأمرُ، فإذا سَهُلَتْ طرقُنا بمعونةِ الربِّ، وصعدتُ من هذه السفينةِ، أخذتُك معي، واعتنيتُ بمصالحك». فطاب قلبُ الصبي بالكلامِ.
وحدث في بعضِ الأيامِ، أن تشاورَ النواتيةُ فيما بينهم على أن يقذفوا بالتاجرِ وبغلمانِهِ إلى البحرِ، ومن أجلِ ما معه من المالِ، فلما أعلموا ذلك الصبيَ الذي كان صديقاً لذلك التاجرِ، أسرع وأخبرَه بما تشاورا عليه، فقال له التاجرُ: «هل أنت متحققٌ من ذلك»؟ قال له: «نعم».
  رد مع اقتباس