فلما رآهم الراهبُ، وقف وقبَّل السائحَ، وسلما بعضُهما على بعضٍ، وصلوا جميعهم، وقالوا البركةَ، وجلسوا، وإذا خادمٌ صغيرٌ قد جاء إلى الملك والملكةِ بشغلِ أيديهما، فتناول كلُّ واحدٍ فواحدٍ صنعتَه، ليعملَ فيها.
فقال الراهبُ للسائحِ، من حيث لا يعرفه: «يا يوساب، إن الربَّ أراد بك خيراً عظيماً، لأنه أوقفك على سيرةِ الملكِ والملكةِ»، وبدءوا يتحدثون بعظائمِ الله إلى وقتِ الساعةِ التاسعةِ، حيث أتى خادمٌ بمائدةٍ عليها خبزٌ وطعامٌ يوافق الرهبانَ، فصلوا، وأكلوا، ورُفعت المائدةُ.
فلما عزم السائحُ على الانصرافِ، تباركوا منه، وقال له الراهبُ: «امضِ بسلامِ الربِّ، وعظ بهذه السيرةِ، فإنها عظيمةٌ جداً، لأنك قد نظرتَ عظمةَ الملكِ وزوجته، وها أنت ترى عيشتهما الآن، والتواضع الذي هما فيه، حتى إنهما لا يتناولان شيئاً من طعامِ المملكةِ البتة، إلا من شغلِ أيديهما، وفي هذا كفايةٌ»، ثم إن السائح ودَّعهم وركب على السحابةِ، وعاد إلى بريةِ الإسقيط، وهو متعجبٌ مما رأى من مجدِ الله، الذي له التسبيح والعظمة والإكرامُ إلى الأبدِ، آمين.