مقارة الكاتب
قال مقارة الكاتب: أردتُ الدخولَ إلى مدينةِ الإسكندريةِ لقضاءِ بعض حوائجي، ولما دخلتُ إلى المدينةِ قابلني رجلٌ لا أعرفه خارجاً من المدينةِ، وعلى كتفِه وعاتقهِ آلةُ صناعةِ البستانِ ومعه من ثمارِه، فقال لي: «من أين أتيتَ يا أبي، وإلى أين تذهبُ»؟ فقلت له: «أنا من الوادي المقدس، وأنا طالبٌ هذه المدينةَ». فقال: «أنا أسألك أن تبيتَ عندي الليلةَ في منزلي، وعند الصباحِ تمضي حيث تريد».
وكان ذلك الوقت مساءً، وسألني باسم يسوع المسيح، فأجبتُه إلى ما سأل، وكنتُ لا أعلمُ معبودَه، ولا مذهبه، إلا أنه يعرفُ كلامَ أهلِ الجبالِ، وهي اللغة القبطية، فمضيتُ معه إلى منزلِه، فأخرجَ مفتاحاً، وفتح البابَ، ودخلنا، فنظرتُ يميناً وشمالاً، فلم أجد شيئاً سوى حصيرةٍ، قد مضى عليها مدةٌ من الزمنِ، ووعاءً فيه ماء، وحبلاً مشدوداً في سقفِ البيتِ، وكتاباً موضوعاً على كرسي، وسراجاً فيه زيت، ومنديلاً فيه رغيف من الخبزِ اليابسِ لا غير. فقدَّم لي ماءً أولاً، فغسلتُ وجهي ورجليَّ، ثم بعد ذلك انتصب إلى الصلاةِ، فوقفتُ وصليتُ معه إلى حينِ أتم صلاتَه، وأنا معه، فأحضر ذلك الرغيف اليابس وقليلاً من الملحِ، وسألني أن آكلَ، فأخذتُ وأخذ معي، وأكلنا جميعاً.